بادرت الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي، حديثة التأسيس، إلى إطلاق مشروع هيكلي غير مسبوق يهدف إلى تتبع وتقييم فعالية برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، من خلال تعزيز أدوات المراقبة الميدانية وإعداد آليات المواكبة لفائدة الفئات المستهدفة. المشروع انطلق رسميا عبر طلب عروض لتوظيف خبراء تقنيين، في خطوة تؤشر على دخول البرنامج مرحلة التفعيل العميق على أرض الواقع.
منذ دجنبر 2023، دخل المغرب مرحلة جديدة في مسار العدالة الاجتماعية، بإطلاقه برنامجا وطنيا غير مسبوق للدعم المباشر، يستهدف ملايين الأسر المغربية، سواء التي تعيل أطفالا أو تلك بدون أطفال. ويشمل البرنامج تحويلات مالية شهرية، منحة الولادة، ودعما خاصا للأطفال في وضعية إعاقة والمسنين، مع تحفيز مباشر على تمدرس الأطفال في الأوساط الهشة.
ويهدف هذا البرنامج، الممول بحوالي 30 مليار درهم سنويا، إلى بلوغ أكثر من 6 ملايين طفل، ونحو مليوني أسرة بدون أطفال، بغية تقليص الفوارق الاجتماعية وتوسيع قاعدة الاندماج المجتمعي بشكل دائم.
تحوّل في منهجية العمل الاجتماعي… ورهان على التحديد الدقيق للفئات
البرنامج الجديد يأتي كبديل لعدد من المبادرات السابقة التي اعتبرت غير فعالة،.. ويرتكز على تغيير جذري في فلسفة الدعم الاجتماعي، أساسه الاستهداف الدقيق عبر السجل الاجتماعي الموحد. هذا الأخير يعتمد على “نقطة سوسيو-اقتصادية” لتقييم الوضع الفعلي للأسر، ما يمكن من توجيه الدعم لمستحقيه الحقيقيين بعيدا عن الهدر.
إقرأ أيضا: برنامج الدعم المباشر للسكن: أكثر من 33 ألف أسرة مغربية مستفيدة حتى الآن
تشرف الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي، المؤسسة حديثا والمستقلة ماليا، على تدبير هذا المشروع الضخم. يوجد مقرها المركزي في الرباط، على أن تحدث لاحقا تمثيليات جهوية لتقريب الخدمات. وتشمل مهامها استقبال الطلبات، إدارة الطعون، توزيع الإعانات، مراقبة صحة البيانات،.. إنتاج الإحصائيات، وتتبع الأداء واقتراح التوصيات على الحكومة.
إطلاق أول تجربة ميدانية.. تقييم الأداء ومواكبة الفئات
وفي إطار تفعيل مهامها، أعلنت الوكالة عن طلب عروض لتوظيف خبير تقني لمدة 12 شهرا،.. مهمته مرافقة الفرق الميدانية في وضع آليات تقييم دقيقة للبرنامج،.. مع إعداد دراسة لتحديد أنجع وسائل المرافقة الاجتماعية في أول تمثيلية ترابية للوكالة،.. على أن تنفذ كمشروع نموذجي في مرحلة أولى.
وسيشمل التقييم دراسة الأثر الاجتماعي المباشر للدعم، وتحديد المجالات الأنسب للمواكبة، مثل التعليم،.. التغذية، الصحة، الإدماج السوسيو-اقتصادي، والتأهيل نحو سوق الشغل النظامي،.. على أن يتم الحسم فيها بتنسيق مع الوكالة.
من خلال هذا المشروع، تسعى الوكالة إلى تأسيس قواعد صلبة لسياسة اجتماعية أكثر فعالية واستدامة،.. تنطلق من الواقع الترابي وتتكيف مع حاجيات المواطنين. ويبقى الرهان الأساسي اليوم هو تحويل هذا البرنامج من مجرد دعم مالي إلى رافعة للتحول الاجتماعي العادل والمنصف في مختلف جهات المملكة.