أثار الحكم القضائي الأخير ضد “التيك توكر” المغربية روعة بيوتي موجة من التعاطف الشعبي، بعد أن قضت المحكمة بسجنها أربعة أشهر نافذة وإلزامها بدفع تعويض ضخم قدره 20 مليون سنتيم لصالح إحدى الشركات العقارية. القضية، التي انطلقت من مقاطع فيديو نشرتها عبر منصات التواصل الاجتماعي، تحولت إلى مادة للنقاش الواسع حول حدود حرية التعبير ومسؤولية الانتقاد الرقمي.
روعة بيوتي كانت قد بثت مقاطع تتحدث فيها عن معاناتها اليومية بسبب الضوضاء والأثر البيئي الناجم عن أشغال مشروع عقاري مجاور لمنزلها. بالنسبة لها، كان ما فعلته شكوى طبيعية يعبر عنها الكثير من المواطنين عند مواجهتهم مشاكل مشابهة. غير أن إدارة المشروع ردت باتهامها باقتحام موقع الأشغال وتصوير مقاطع دون إذن مسبق، معتبرة أن تصريحاتها تضمنت معلومات “زائفة” أضرت بسمعة الشركة وألحقت بها خسائر مادية ومعنوية.
الحكم، رغم أنه يستند إلى نصوص قانونية، اعتبره كثيرون قاسيا وغير متناسب مع طبيعة الفعل، خاصة في ظل كونها ناشطة رقمية تمارس حقها في إبداء الرأي حول قضية تمس حياتها اليومية. على مواقع التواصل الاجتماعي، انتشرت وسوم تدعو إلى مراجعة العقوبات المالية الثقيلة التي قد تكمم أفواه المنتقدين وتحبط المبادرات الفردية في مواجهة الإشكالات المحلية.
عدد من المتابعين رأوا في القضية سابقة قد تعيد رسم حدود الانتقاد في الفضاء الرقمي المغربي، محذرين من أن الغرامات المبالغ فيها قد تخلق مناخا من الخوف لدى المستخدمين، وتجعل من الصعب طرح قضايا حساسة تخص جودة المشاريع العقارية أو تأثيرها البيئي. آخرون شددوا على أهمية التوازن بين حماية سمعة الشركات وحق المواطنين في التعبير، داعين إلى البحث عن حلول وسطية تعزز ثقافة الحوار بدل اللجوء سريعا إلى السجن والغرامات الكبيرة.
القضية، بكل تداعياتها، فتحت نقاشا أوسع حول دور القضاء في مواكبة التحولات الرقمية، وأعادت تسليط الضوء على ضرورة تحديث القوانين بما يحفظ حرية الرأي ويمنع في الوقت نفسه الإساءة المتعمدة أو التضليل، دون المساس بالحقوق الأساسية للمواطنين.