في قلب جهة الدار البيضاء-سطات، تعيش مدينة بنسليمان على وقع أزمة بيئية خانقة، تتسع رقعتها يوما بعد يوم، بفعل الانتشار العشوائي والمتسارع لعشرات المقالع النشطة في محيط المدينة، والتي تشمل مقالع للحجارة والحصى والرخام. هذه الأنشطة المكثفة باتت تمثل تهديدا مباشرا للتوازن الإيكولوجي المحلي، وسط اتهامات متزايدة بتجاوزات قانونية وصمت إداري مقلق.
وتشير شهادات السكان إلى أن استغلال المقالع تجاوز بكثير الحدود القانونية، حيث تم اقتطاع مساحات شاسعة من الغابات والمجالات الفلاحية، ما أدى إلى تراجع الغطاء النباتي وتآكل الأراضي. الأخطر من ذلك، حسب ما يؤكده نشطاء ميدانيون، هو استعمال المتفجرات لتفتيت الصخور، الأمر الذي خلف هزات عنيفة تهدد البنايات السكنية، وتزرع الهلع في صفوف الأطفال وكبار السن.
ولا تقتصر الأضرار على الجانب البيئي، بل تمتد إلى الصحة العامة والسلم الاجتماعي، خاصة مع استمرار الأشغال داخل المقالع ليلا ونهارا في خرق صارخ لقوانين الشغل والسلامة، وهو ما يرفع من منسوب الغضب وسط الأهالي.
محمد متلوف، نائب رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بإقليم بنسليمان، شدد على أن الغالبية الساحقة من هذه المقالع لا تلتزم بدفاتر التحملات، مشيرا إلى أن ما يجري يعد استخفافا بالقوانين البيئية، في غياب واضح لأي رقابة فعلية من قبل الجهات المختصة.
كما حذر متلوف من خطورة تفويت مساحات إضافية من الغطاء الغابوي، مسترجعا ما وقع سابقا من اجتثاث لأشجار العرعار النادرة نتيجة تفويت مئات الهكتارات لشركات المقالع، ما يزيد من تفاقم التدهور البيئي بالمنطقة.
وخلص المتحدث الحقوقي إلى دعوة صريحة للسلطات المختصة من أجل التدخل العاجل، وفتح تحقيقات نزيهة لرصد المخالفات ومحاسبة الجهات المتورطة، محذرا من أن استمرار هذا الصمت الرسمي قد يؤدي إلى فقدان المواطنين للثقة في مؤسسات الدولة، في وقت أصبح فيه سكان الإقليم يطالبون بحماية بيئية عادلة تضمن كرامتهم وتؤمن مستقبل الأجيال القادمة.