برزت أصوات قوية من داخل مؤسسات القرار الأمريكي تطالب باتخاذ موقف صريح وحازم من جبهة البوليساريو، وذلك في ضوء معطيات أمنية متنامية تربطها بإيران وروسيا وشبكات تهريب تعمل على تمويل الإرهاب في منطقة الساحل.
في مقال مشترك نشر على موقع “ذا دايلي سيغنال”، دعا روبرت جرينواي، الضابط السابق بالاستخبارات ومدير مركز أليسون للأمن القومي، رفقة الباحث أمين غوليدي، إلى إدراج البوليساريو ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية الدولية، وهو موقف يتبناه النائب الجمهوري جو ويلسون الذي قدم مشروع قانون رسمي بهذا المعنى.
وحذر الكاتبان من تجاهل أمريكي متواصل لهذا التهديد، مستحضرين حادثة تعود إلى عام 1988 حين أسقطت الجبهة صاروخين على طائرتين أمريكيتين تابعتين للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ما أسفر عن مقتل خمسة أمريكيين، دون أن تترتب عن ذلك أي عقوبات.
وفق الوثيقة، فإن البوليساريو خرجت في نوفمبر 2020 عن اتفاق وقف إطلاق النار الموقع سنة 1991، وأعلنت الحرب من جانب واحد، مستأنفة هجماتها الصاروخية على طول الجدار الأمني المغربي. كما قامت بتهديد القنصليات الأجنبية والمؤسسات الاقتصادية، معتبرة إياها أهدافا مشروعة.
من تندوف إلى الساحل.. كيف تستغل البوليساريو دعم الجزائر لتمويل الإرهاب؟
وأشار المقال إلى أن الجبهة تعتمد في تحركاتها العسكرية على دعم جزائري غير مشروط، يشمل التمويل والتسليح والإيواء، حيث تنشط قياداتها في مخيمات قرب تندوف خارج تغطية الرقابة الدولية. هذا الملاذ يتيح للجبهة تجربة أسلحة جديدة، وتخزين العتاد، والتواصل مع داعمين خارجيين من دون عوائق.
من بين أبرز التحولات المثيرة للقلق، بحسب التقرير، العلاقة المتنامية بين البوليساريو وطهران. ففي السنوات الأخيرة، تطورت هذه العلاقة من دعم رمزي إلى تعاون عسكري مباشر شمل تزويد الجبهة بطائرات مسيرة إيرانية الصنع. وقد ظهرت دلائل على استخدام هذه الطائرات في هجمات استهدفت مدنيين مغاربة في السمارة سنة 2023.
إقرأ أيضا: موريتانيا توجه إنذارا نهائيا للبوليساريو بإخلاء منطقة حدودية
التقاطع مع المصالح الروسية لم يكن غائبا كذلك، حيث تشارك البوليساريو بشكل منتظم في أنشطة تنظمها حركة مناهضة العولمة في موسكو، والتي تمولها أجهزة الأمن الروسية. ويحذر المقال من إمكانية استخدام ممرات التهريب الصحراوية، التي تسيطر عليها الجبهة، كمنافذ لوجستية لقوافل فاغنر المنتشرة في منطقة الساحل.
علاوة على ذلك، تلعب البوليساريو دورا أساسيا في اقتصاد التهريب العابر للصحراء، من خلال إدارة عمليات تمرير الحشيش والكوكايين والأسلحة، وفرض ضرائب على هذه الأنشطة لصالح جماعات إرهابية كتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
وأكدت الوثيقة أن الإدارة الأمريكية، رغم اعترافها بمقترح الحكم الذاتي المغربي في عهد ترامب، مطالبة اليوم بترجمة هذا الاعتراف إلى خطوات أمنية ملموسة، تبدأ بإدراج الجبهة في قائمة الإرهاب طبقا للأمر التنفيذي 13224، الذي يخول تجميد الأصول وفرض عقوبات مشددة على الكيانات المصنفة.
واعتبر الكاتبان أن ما جرى مع الحوثيين في اليمن يمثل درسا استراتيجيا بالغ الأهمية: التراخي مع وكلاء إيران يحولهم من مجرد ميليشيات هامشية إلى قوى عسكرية إقليمية مهددة. وهو السيناريو نفسه الذي قد يتكرر في شمال إفريقيا ما لم تتحرك واشنطن بسرعة.