وسط تحولات جيوسياسية واقتصادية متسارعة، تبرز نيجيريا كقوة إفريقية صاعدة تعيد تموضعها الاستراتيجي من خلال مجموعة اتفاقيات ضخمة يتصدرها مشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب. هذا المشروع الطموح، الذي يعد من بين أبرز المبادرات الطاقية في القارة، يمثل رهانا اقتصاديا وسياسيا يعكس توجه أبوجا نحو تنويع شركائها وتوسيع أسواقها.
تعود جذور المشروع إلى سنة 2016، حين أبرم المغرب ونيجيريا اتفاقا لمد أنبوب غاز يمتد على مسافة تناهز 5600 كيلومتر، مارا بعدة دول غرب إفريقية. هذه البنية التحتية التي أعيدت تسميتها بـ”أنبوب غاز إفريقيا الأطلسي”، لا تهدف فقط إلى تغذية الطلب المحلي، بل تتطلع إلى الوصول مستقبلا للأسواق الأوروبية. وبينما يسعى البلدان لإقناع الممولين الدوليين بجدواه، تبرز تحديات سياسية وأمنية على طول المسار، مما يستوجب تنسيقا إقليميا محكما.
إقرأ أيضا: أنبوب الغاز الأطلسي الإفريقي: المغرب يكشف عن آخر التطورات بواشنطن
وفي المقابل، يبدو أن مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، الذي لطالما دافعت عنه الجزائر، لم يعد يحتل موقعا متقدما ضمن أولويات نيجيريا، خاصة في ظل المخاطر الأمنية التي تعرفها مناطق الساحل وصعوبة تنفيذ المشروع ميدانيا.
الرباط وأبوجا يقودان مشروع القرن: الغاز الإفريقي نحو أوروبا
غير أن الرؤية الاقتصادية لنيجيريا لا تقتصر على مشاريع الغاز. فقد شرعت الحكومة في تفعيل سلسلة من الاتفاقيات الاقتصادية ذات بعد استراتيجي، أبرزها:
- اتفاقية منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية (ZLECAF)، التي تهدف إلى مضاعفة حجم التبادل التجاري داخل القارة، رغم الحاجة الماسة لتطوير البنية التحتية اللوجستية.
- اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة، تتيح امتيازات تجارية مهمة، لكنها تصطدم بعقبات تتعلق بالمعايير الصارمة المفروضة على المنتجات الإفريقية.
- شراكات مع الصين والهند وتركيا، تعزز من الحضور الاقتصادي لهذه القوى في السوق النيجيرية، خاصة في مجالات الطاقة، الفلاحة، والبنية التحتية.
في المحصلة، يبدو أن نيجيريا تضع نصب أعينها هدف التحول إلى قطب اقتصادي إفريقي متعدد الأقطاب، مستندة إلى ثرواتها الطبيعية، شراكاتها المتنوعة، وقدرتها على إدارة التوازنات الإقليمية والدولية بحنكة.
ومع تصاعد أهمية مشاريع الغاز العابرة للحدود، يظل مشروع الربط المغربي النيجيري عنوانا رئيسيا لصراع النفوذ الطاقي في غرب إفريقيا، ورهانا مفتوحا على المستقبل.