من زاوية مختلفة، اختار أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أن يسلط الضوء على أحد أكثر الملفات حساسية في المغرب: الماء. في تصريح مباشر ضمن استضافته ببرنامج “بدون لغة خشب”، وضع الوزير يده على الجرح، مؤكدا أن الفلاحة الوطنية ليست مجرد مستهلك للماء، بل أصبحت ضحية لسياسات تأخرت في الاستثمار في البنية التحتية المائية.
وأوضح البواري أن مدينة الدار البيضاء، وهي واحدة من أكبر المدن المغربية، تعتمد اليوم في تزويدها بالماء الصالح للشرب على مياه سد “المسيرة”، وهو سد فرض عليه أن يحول مساره الطبيعي، الذي كان يغذي الأراضي الفلاحية بدكالة، لصالح الاستهلاك الحضري. وعلق الوزير على هذا الوضع قائلا: “نعم، الأولوية لماء الشرب، ولكن لا يمكن أن نظل نحرم الفلاحة من حصتها بشكل كلي”.
في ذات السياق،.. أشار البواري إلى أن قرار تحويل مياه السدود الموحهة للفلاحة إلى المدن جاء في سياق العجز المائي،.. لكن هذا الحل لا يمكن أن يستمر دون التسبب في مشاكل بنيوية للقطاع الفلاحي. وقال إن “التوازن” ضروري.
وشدد الوزير على أن الحكومة، بتنسيق مع وزارة التجهيز والماء ووزارة الداخلية،.. باتت مقتنعة بضرورة الانتقال إلى نمط جديد في تزويد المدن الساحلية بالماء الشروب، يقوم على تحلية مياه البحر. وأكد أن هذا التوجه لم يعد خيارا، بل ضرورة استراتيجية تفرضها التحولات المناخية وشح الموارد التقليدية.
وفي ختام حديثه،.. أشار البواري إلى أن منطق “نقطع الماء على الفلاحين باش الناس تشرب” لا يمكن أن يبنى عليه مستقبل مستدام،.. مضيفا أن التوازن بين حاجيات الشرب وحاجيات الفلاحة يجب أن يكون ركيزة أساسية في أي سياسة مائية قادمة،.. لأن “كلوا واشربوا” كما قال، لا تعني أن نشرب مدينة ونميت قرية.