في مشهد صادم لعائلة كانت تظن أن الاستقرار بات أمرا واقعا، أقدمت السلطات الفرنسية يوم 21 فبراير الماضي على ترحيل مواطن مغربي يبلغ من العمر 46 سنة، إلى بلده الأصلي، في عملية أثارت موجة من الاستنكار الحقوقي بسبب ظروف التنفيذ والطريقة التي تم بها فصله عن أسرته دون سابق إنذار.
الرجل الذي كان يقيم بفرنسا منذ سنة 2000، أي منذ أن كان في الـ21 من عمره، لم يكن مهاجرا سريا أو مقيما بشكل غير قانوني، بل كان يعيش حياة مستقرة في منطقة “هوت سون”، حيث أسس منذ 2022 مشروعا تجاريا في مجال المعادن، ويعيش رفقة شريكة حياته الفرنسية منذ أزيد من 15 سنة. الزوجان يتقاسمان مسؤولية تربية توأم يبلغ عمره 13 سنة، كما يملكان بيتا في بلدة “أنشونونكور إيه شازيل”، حسب ما أوردته صحيفة “لست ريبوبليكان”.
لكن صباح 21 فبراير، وجد الرجل نفسه مرحلا إلى المغرب دون أن يمنح فرصة لتوديع أسرته أو جمع متعلقاته الشخصية. محاميته وصفت العملية بـ”اللاإنسانية”، مؤكدة أنه “كان مكبلا، وخوذة على رأسه”، ما يشير إلى قسوة المعاملة.
لم يكن مجرما ولا إرهابيا.. فقط أخطأ ودفع الثمن مرتين
تبرر محافظة “هوت سون” هذا القرار بسجل المعني بالأمر،.. حيث سبق أن صدرت في حقه 13 إدانة بين 2005 و2023، أفضت إلى ما مجموعه أكثر من ست سنوات من السجن. واستندت في تنفيذ الترحيل إلى قانون “مراقبة الهجرة وتعزيز الاندماج” الذي دخل حيز التنفيذ في يناير 2024،.. وينص على أن تكرار الجرائم والسجن لا يتوافقان مع شروط الاندماج في المجتمع الفرنسي.
غير أن الدفاع له رأي مغاير. ففي رسالة وجهتها المحامية إلى وزير الداخلية الفرنسي بتاريخ 4 مارس،.. أكدت أن موكلها “ليس إرهابيا ولا مجرما خطيرا”،.. بل أدين بتهم مثل السرقة والقيادة تحت تأثير المخدرات، وأنه “أدى ثمن أخطائه وقضى مدة عقوبته كاملة”. وأضافت أن القانون لا يجب أن يطبق بعين واحدة، متجاهلا حياة أسرية دامت 24 سنة.
وأنهت المحامية رسالتها بالقول: “تم تدمير حياة عائلة،.. ولا أحد يعلم إن كان هذا الأب سيتمكن يوما من رؤية زوجته أو طفليه مجددا”.