التحول الرقمي في المجتمعات الحديثة يثير العديد من القضايا والتحديات، ومن بين هذه القضايا، أثيرت مؤخرا قضية تطبيق “تيك توك” في المغرب. فقد وصلت دعوة لتعليق هذا التطبيق إلى البرلمان المغربي في نهاية دجنبرالماضي، مما أشعل نقاشا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي.
يتعتبر “تيك توك” من التطبيقات الصينية الرائجة، خاصة بين جيل الشباب، وقد نالت شعبية كبيرة في المغرب. ولقد أدى هذا الجدل إلى وصول الموضوع إلى أروقة البرلمان، حيث وجهت النائبة عن حزب الأصالة والمعاصرة، حنان أتاركين، سؤالا شفهيا للوزيرة المنتدبة المكلفة بالتحول الرقمي والإصلاح الإداري، غيتا مزور، طالبت فيه بإيقاف “تيك توك” في المغرب، معتبرة أنه يؤثر بشكل سلبي على الشباب المغربي.
فيما يتعلق بالجدل الدائر حول تطبيق “تيك توك” في المغرب، ألقى مروان حرمش، مدير شركة استشارية متخصصة في الاتصال الرقمي والسمعة الإلكترونية والاتصالات الحساسة، الضوء على جانب آخر من القضية. وأوضح قائلا: “إن حظر “تيك توك” أو الوصول إليه لن يحمل أي تأثير جوهري على الوضع، إذ يمكن دائما للأفراد العثور على وسائل للتفاعل مع التطبيق عبر استخدام أدوات الإنترنت المتاحة لديهم”.
“المشكلة تتعلق بالمحتوى وليس بالتطبيق”، بهذه الكلمات يلخص خبير الاتصالات الرقمية رأيه. ومع ذلك، يسلط الانتباه إلى قضية أكثر خطورة، وهي وجود محتوى إباحي على منصات التواصل الاجتماعي يمكن للقاصرين الوصول إليه. يعتبر ذلك بمثابة دعوة للتحرك السريع.
على الجانب الآخر، يختلف خالد شريف عن هذا الرأي، إذ يؤيد فكرة حظر تطبيـق “تيك توك”. ويعتبر أن المحتوى الذي ينشر على تلك المنصة كارثي، وينقل جوانب سلبية من المجتمع المغربي. وبالتالي، يرى الحظر كحل وحيد للحد من هذا التأثير السلبي والمهين.
تطبيق “تيك توك”.. بين صون الحريات والدفاع عن القيم
إن بحث حول حظر “تيك توك” في المغرب يستحق النظر من جميع الزوايا، وهو موضوع محوري يفتح بابا للنقاش العميق بين مدافعي الحريات والمدافعين عن القيم الثقافية والأخلاق.
من جهة مدافعي الحريات، يعتبرون أن حظر تطبيق ثتيك توك” يشكل انتهاكا لحقوق التعبير والتفاعل الحر عبر الإنترنت. يؤكدون على أهمية الحوار الحر وتبادل الأفكار لتعزيز التفاهم والتقارب الثقافي بين الأجيال. يظهرون قلقهم من أن الحظر قد يفقد المجتمع الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة للتعبير.
من جهة أخرى، يقف مدافعون عن القيم الثقافية والأخلاق على قرار الحظر باعتباره إجراء ضروريا للحفاظ على الهوية الثقافية والقيم الأخلاقية للمجتمع. يبرزون التحديات التي تطرأ مع انتشار محتوى غير لائق عبر التطبيق وتأثيره على الشباب.
يمكن أن يعتبر هذا الجدل، تجسيدا للنقاش الأزلي بين حقوق الفرد وحق الجماعة في الحفاظ على هويتها الثقافية. الأمر الذي يتطلب التفكير العميق والحوار المفتوح للوصول إلى حل يحقق التوازن بين الحريات الفردية والحفاظ على القيم.