أنهت وكالة فرونتكس الأوروبية لحرس الحدود الجدل القائم منذ أشهر بشأن مصدر الموجات الجديدة من الهجرة غير النظامية في البحر الأبيض المتوسط، مؤكدة بالأرقام أن أكثر من 90 في المئة من محاولات العبور غير الشرعية في الجهة الغربية للمتوسط، أي ما مجموعه 11 ألفا و791 محاولة منذ بداية سنة 2025، مصدرها التراب الجزائري.
هذه الأرقام، التي تمثل ارتفاعا بنسبة 22 في المئة مقارنة بسنة 2024، جاءت لتدحض ما وصفه مراقبون بـ“محاولات إعلامية مغرضة” لخلط الأوراق بين المغرب والجزائر في ملف الهجرة، خصوصا من قبل بعض المنابر اليسارية في أوروبا التي سعت إلى “مغربة” الأزمة لتبرئة الجزائر.
غير أن معطيات فرونتكس وضعت النقاط على الحروف، مشيرة إلى أن الجزائر أصبحت في صلب معادلة الهجرة غير النظامية نحو أوروبا، وأن السلطات الجزائرية “تغض الطرف أو تشجع ضمنيا” هذه التحركات الجماعية، في ما يشبه استعمال ورقة الهجرة كوسيلة ضغط سياسي ضد عدة دول أوروبية، خاصة فرنسا وإسبانيا وبلجيكا، بسبب مواقفها المعلنة من قضية الصحراء المغربية.
وتأتي هذه التطورات في سياق سلسلة من الأحداث التي هزت فرنسا بداية العام الجاري، إذ كشفت تحقيقات أمنية عن شبكات مؤثرة موالية للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تنشط على تطبيق “تيك توك”، قامت بالترويج لأفكار متطرفة والدعوة إلى تنفيذ اعتداءات ضد معارضين جزائريين مقيمين بفرنسا.
كما تفجرت قضية أخرى ما زالت قيد المحاكمة، بعد أن تبين أن موظفين فرنسيين من أصول جزائرية تعاونوا مع أجهزة الاستخبارات الجزائرية لتسريب عنوان أحد المعارضين لتبون، الذي نجا بأعجوبة من محاولة اغتيال في الأراضي الفرنسية.
في مقابل هذا المشهد المقلق، يجد المغرب نفسه في موقع مراقب حذر، بعدما ظلت الرباط لسنوات موضع إشادة من قبل أوروبا في مجال تدبير الحدود ومحاربة شبكات التهريب. ويرى محللون أن تمييز فرونتكس بين المقاربتين المغربية والجزائرية يعكس إدراكا أوروبيا متزايدا لطبيعة الشراكة الأمنية التي تجمع الاتحاد الأوروبي بالمملكة المغربية.
ويبقى السؤال المطروح اليوم: هل سيدفع هذا التحول الأوروبي نحو إعادة صياغة سياسات الهجرة في المنطقة المغاربية؟ خاصة في ظل التوتر المتصاعد بين الجزائر وعدد من العواصم الأوروبية، مقابل انفتاح المغرب على مقاربة تعاونية أكثر استقرارا وأمنا.


