بعد عقود من الترقب والتداول، كشفت صحيفة “فوزبوبولي” الإسبانية عن نتائج دراسة بالغة الأهمية تؤكد أن مشروع النفق البحري الذي سيربط المغرب بإسبانيا عبر مضيق جبل طارق هو “ممكن تقنيا”، رغم التحديات الهندسية والمالية الكبيرة. هذا التقرير، الذي أعدته شركة “هيرنكنخت” الألمانية الرائدة بطلب من الشركة الإسبانية لدراسات الاتصال الثابت عبر المضيق (Secegsa)، يفتح الباب أمام مرحلة التنفيذ الفعلية لأضخم مشروع بنية تحتية بين القارتين.
التحدي الأعظم.. الجدوى التقنية مؤكدة
أشارت الدراسة إلى أن التكنولوجيا اللازمة لبناء هذا النفق “موجودة بالفعل”، مؤكدة إمكانية تنفيذه رغم تعقيداته الهندسية القصوى. ويعد تحدي “عتبة كامارينال”، وهي المنطقة الأضيق والأعمق في المضيق، هو الأصعب، لكن التقرير أكد أن الهندسة الحالية قادرة على التغلب عليه.
ووفقا للمعلومات المسربة، تعتزم مدريد والرباط اتخاذ قرار نهائي بحلول عام 2027 لإطلاق أول “نفق استكشافي”، وهو خطوة أولى وحاسمة تمهيدا لبناء المشروع النهائي.
تتحدث الدراسة عن ميزانية إجمالية تتجاوز 8.5 مليار يورو، ويتوقع أن يمتد البناء لمدة لا تقل عن عقد من الزمن (10 سنوات)، قد تستغرق منها المرحلة الاستكشافية وحدها ما بين ست وتسع سنوات. وتأمل السلطات الإسبانية في تسخير جزء من صناديق الاتحاد الأوروبي “الجيل القادم” (Next Generation) لتمويل المشروع، الذي لن يكتمل إنجازه قبل الفترة ما بين 2035 و 2040.
ولتعزيز فرص نجاح المشروع، قامت الشركتان العموميتان المسؤولتان عن المشروع (Secegsa الإسبانية و SNED المغربية) مؤخرا بزيارة إلى النرويج للاطلاع على تجربة “روغفاست” (Rogfast)، الذي يعد أطول وأعمق نفق بحري قيد الإنشاء في العالم. كما يتم التعاون مع هيئات عالمية، مثل الخدمة الجيولوجية للولايات المتحدة (USGS)، لإجراء دراسات دقيقة حول قاع المضيق والنشاط الزلزالي.
الهدف الأسمى من هذا النفق هو إقامة اتصال سككي ثابت بين أوروبا وإفريقيا، ما سيحدث طفرة في تبادل المسافرين، البضائع، وحتى الطاقة، وسيضع المغرب في قلب شبكة النقل الدولية.
ولضمان استدامة المشروع، تم تكليف شركة “إينيكو” الإسبانية بوضع نموذج للربحية واستكشاف خيارات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، على غرار النموذج الناجح لنفق “يوروستار” الرابط بين بريطانيا وفرنسا، مما يؤكد أن العائد الاقتصادي سيكون بنفس ضخامة التحدي الهندسي.


