اندلعت مجددا شرارات القلق في جزر الكناري. هذه المرة، ليست بسبب عاصفة جوية ولا تدفق مهاجرين، بل بفعل قرار مغربي أثار في الأرخبيل شعورا بالحصار البارد.
الكاتب والصحفي الإسباني أنطونيو موراليس، في مقال نشرته صحيفة “كنارياس 7”، فتح نافذة على هذا القلق المتصاعد، كاشفا عن ما اعتبرته النخب السياسية في الجزر “انزلاقا تدريجيا” نحو واقع جيوسياسي جديد، يتشكل في صمت على أمواج الأطلسي، مع إعلان الرباط عن ترخيص رسمي لشركة إسرائيلية للتنقيب عن الهيدروكربونات قبالة سواحل الصحراء المغربية.
التصريح بالتنقيب، الذي منح لشركة NewMed Energy الإسرائيلية في منطقة بحرية تعرف باسم “بوجدور الأطلسي”، على مساحة تفوق 34 ألف كيلومتر مربع، لم يقرأ في جزر الكناري على أنه مجرد خطوة اقتصادية، بل تم اعتباره جزءا من ما تصفه السلطات المحلية هناك بـ”استراتيجية توسعية مغربية”، وصفتها بـ”غير الشرعية” دوليا، ومخالفة لمقتضيات محكمة العدل الأوروبية ومبادئ الأمم المتحدة.
في بيان صادر عن مجلس جزيرة “غران كناريا”،.. نقل عن تحالف “نويفا كنارياس – الجبهة الكنارية الواسعة”،.. دعوته لمدريد باتخاذ موقف صارم من الرباط، متهما المغرب بتجاوز كل الأعراف الدبلوماسية من خلال ما سماه “التحركات الأحادية” في محيط الأرخبيل.
جزر الكناري في مرمى “التوسع الهادئ” للمغرب
الاحتجاج هذه المرة لا يقتصر على التنقيب الأخير… فبحسب مجلس الجزيرة، هناك تراكم لخطوات مغربية في السنوات الأخيرة أعادت رسم التوترات القديمة بلون جديد: مراجعة للحدود البحرية، تحركات استكشافية في مناطق قريبة من الجزر مثل “مونتي تروبيك”، وتصريحات متكررة عن سيادة بحرية مغربية لا تروق لسكان الأرخبيل.
“القلق الاجتماعي والمؤسساتي يتصاعد،” يقول البيان،.. في إشارة إلى مزاج شعبي بدأ يفقد ثقته في التطمينات الرسمية القادمة من العاصمة مدريد.
أكثر ما يثير حساسية الكناريين ليس فقط ما يصفونه بـ”توسع مغربي صامت”،.. بل “الصمت الإسباني المدوي” حياله. إذ عبر المجلس عن خيبة أمل من غياب موقف حازم من الحكومة المركزية،.. في وقت تحظى فيه الخطوات المغربية بدعم صريح من قوى كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا.
هذا الصمت، برأي الصحفي موراليس،.. عمق شعور التهميش السياسي لدى سكان الكناري،.. الذين باتوا يرون أنفسهم خارج المعادلة رغم أن تداعيات الملف تضرب عصبهم الاقتصادي والبيئي.


