الأكثر مشاهدة

جنون أسعار الأدوية: سعر “فيلكاد” المضاد للسرطان يقفز بـ 51% في المغرب

في مشهد يعكس عمق التفاوت في الولوج إلى العلاج، شهد المغرب خلال السنتين الأخيرتين قفزة غير مسبوقة في أسعار أحد أبرز الأدوية المضادة للسرطان. فقد تجاوز سعر جرعة دواء “فيلكاد” (Velcade)، المستعمل أساسا في علاج المايلوما المتعددة ولمفوما خلايا الوشاح، عتبة 10.626 درهما للجرعة الواحدة سنة 2025، بعدما كان لا يتجاوز 7.000 درهم مع نهاية 2023. أي بزيادة تفوق 51%، وهو ما يطرح تساؤلات ملحّة حول قدرة المرضى على الاستمرار في العلاج وسط هذه الزيادة المهولة.

يعتمد هذا الدواء على المادة الفعالة بورتيزوميب (BTZ)، التي تعمل على تعطيل نظام البروتيازوم داخل الخلايا السرطانية، مما يؤدي إلى تدميرها بشكل مبرمج. وقد شكل إدخاله إلى البروتوكولات العلاجية منذ مطلع الألفية نقلة نوعية، إذ ساهم في إطالة أمد حياة مرضى المايلوما المتعددة لسنوات إضافية. لكن المفارقة تكمن في أن هذا التقدم العلمي تحول إلى عبء مالي خانق، حيث يحتاج المريض غالبا إلى ثماني أو عشر حقن متتالية في دورة علاجية واحدة، ما يجعل كلفة العلاج السنوية تتجاوز بسهولة 100 ألف درهم.

الأخطر أن هذه الزيادة لا ترتبط بأي تحسين تقني جديد في الدواء أو تطوير علمي يبرر إعادة تقييم سعره. فالمادة معروفة منذ عقدين، وطرق تصنيعها مستقرة، بينما يستند ارتفاع السعر أساسا إلى منطق احتكاري يسعى إلى تمديد زمن الحماية التجارية والتحكم في قنوات التوزيع. ومع ذلك، يظل المريض الحلقة الأضعف في معادلة تتحكم فيها اعتبارات السوق أكثر من اعتبارات الحق في العلاج.

- Ad -

المفارقة مؤلمة: كلما أثبت العلاج فعاليته، كلما ضاق مجال استفادة المرضى منه. فرغم أن منظمة الصحة العالمية تدرج البورتيزوميب ضمن قائمة الأدوية الأساسية في مواجهة سرطانات الدم، إلا أن ارتفاع سعره في المغرب يحوّله عمليا إلى علاج للنخبة، بعيد المنال عن معظم المرضى.

المعادلة هنا ليست تقنية أو محاسبية، بل مسألة حياة أو موت. فالأمراض المزمنة تستدعي علاجات طويلة الأمد ومستمرة، وكل تضخم في تكاليفها يترجم مباشرة إلى مصائر مهددة. حين يصبح ثمن الحقنة الواحدة أكثر من عشرة آلاف درهم، يغدو العلاج امتيازا بدل أن يكون حقا، وتفقد الطب مهمته الجوهرية: إنقاذ الأرواح دون تمييز.

مقالات ذات صلة