الأكثر مشاهدة

جيل زيد غاضب.. لكن من أشعل فتيل الغضب فعلا؟

في لحظة سياسية فارقة يعيشها المغرب، يعود ملف الصحراء إلى الواجهة بقوة، بعدما أصبحت مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية تعتبر الخيار الوحيد الجدي لإنهاء هذا النزاع الذي عمر لعقود. دبلوماسية هادئة لكنها قوية، تعيد ترتيب الأوراق في الأمم المتحدة، وتجعل من الموقف المغربي نقطة ارتكاز في النقاش الدولي.

لكن بالتوازي مع هذا الحراك الدبلوماسي، يشهد الشارع المغربي موجة احتجاجات يقودها شباب “جيل زيد” وأحزاب اليسار الراديكالي، تحت عناوين اجتماعية واقتصادية مختلفة. مطالب تبدو في ظاهرها مشروعة، غير أن توقيتها المثير للانتباه يفتح باب الأسئلة على مصراعيه:
هل هي احتجاجات عفوية صادقة في مطالبها، أم أنها توظف – دون وعي من بعض المشاركين فيها – كأداة ضغط لإرباك الصف الداخلي المغربي في لحظة حساسة من مسار قضية الصحراء؟

الجزائر، التي لم تتقبل بعد حجم الانتصارات التي حققها المغرب في هذا الملف، لا تخفي رغبتها في استغلال أي تصدع داخلي أو توتر اجتماعي لعرقلة المسار نحو الحل النهائي. فكلما اقترب المغرب من حسم المعركة دبلوماسيا، ظهرت تحركات داخلية تشوش على الصورة وتضعف الصوت الوطني الموحد.
السؤال الحقيقي إذن ليس حول حق الشباب في الاحتجاج، بل حول من يستفيد فعلا من تزامن هذه التحركات مع النقاش الأممي حول الصحراء؟

- Ad -

جيل “زيد” هو جيل واع، متعلم، ومتصالح مع التكنولوجيا والعالم. لكنه في الوقت نفسه جيل غاضب من واقع سياسي لم يمنحه سوى الوعود. الغضب مشروع، لكن الخطر أن يتحول إلى أداة في يد خصوم الوطن دون وعي، أو أن يصبح صوته صدى لمعارك لا تمت له بصلة.

وهنا نصل إلى بيت القصيد: من المسؤول عن هذا الغضب المتراكم؟ الجواب واضح. إنها النخبة السياسية التي فقدت بوصلتها، وراكمت الفساد والامتيازات حتى كفر الشباب بالسياسة واعتبرها لعبة قذرة. تلك النخبة التي حولت البرلمان إلى فضاء للخطابات الفارغة والمصالح الضيقة، بدل أن تكون صوت الشعب ومحرك الإصلاح.
إن هذه الفئة من السياسيين هي من تتحمل المسؤولية الأولى والأخيرة عن فقدان الثقة، وهي التي يجب أن تتحرك المؤسسات المختصة في مواجهتها بلا تردد، لأن إصلاح الوضع لا يمر عبر قمع الغضب، بل عبر محاسبة من أشعل فتيله.

اليوم، حين يتوحد المغاربة حول قضيتهم الوطنية، لا يمكن السماح لنخبة فاسدة أن تفرط في هذا الإجماع أو أن تترك الباب مفتوحاً أمام التدخلات الخارجية. فالوطن ليس لعبة سياسية، ومن خان الثقة لا بد أن يواجه العدالة.

مقالات ذات صلة