في شوارع مقاطعة سيدي بليوط، تتجلى معاناة صامتة لسائقي الدراجات النارية الذين يتحركون يوميا بين الأزقة، وسط حفر غائرة، وطرقات مهترئة، وغطاءات صرف صحي غائرة عن مستوى الزفت. مشاهد اعتاد عليها السكان، لكنها باتت تهدد مصدر عيش شريحة واسعة ممن يعتمدون على التنقل السريع، خصوصا سائقي خدمات التوصيل.
من بين هؤلاء، عبد الرحيم، سائق توصيل يستريح لحظة قرب السوق المركزي، ينظر إلى دراجته المتضررة جزئيا ويقول بنبرة لا تخلو من تعب: “سقطت في حفرة قرب شارع الجيش الملكي. لم أرها في الوقت المناسب. لحسن الحظ لم أصب، لكنني خسرت الطلبية واضطررت لدفع ثمن الإصلاح من جيبي”.
وضعية الطرقات الثانوية، خاصة قرب درب عمر، بعض أزقة المدينة القديمة ومحيط محطة “كازا-بور”، توصف بأنها الأكثر خطورة، لاسيما ليلا، حيث يتراجع أداء الإنارة العمومية وتتكاثر الظلال التي تخفي المطبات.
ليست الإصابات وحدها ما يخشاه هؤلاء السائقون. فمجرد تعطل الدراجة أو تلف جزء منها كالعجلات أو الجنوط يعني خسارة يومية لا قدرة لهم على تحملها. يقول سفيان، أحد سائقي الليل: “أحيانا نتفادى أحياء بعينها فقط لأن الطريق فيها محفوفة بالمخاطر”.
في مواجهة هذه الإشكالات المتراكمة، بادرت مصالح مقاطعة سيدي بليوط ببعض الإصلاحات الجزئية همّت الشوارع الرئيسية، مع وعود بانطلاق أوراش أخرى قريبا. وأكد أحد المنتخبين أن الأولويات حددت بناء على الشكايات المتكررة، مع إقراره بضعف الموارد المتاحة وضرورة توزيعها بشكل عقلاني.
المثير في هذا السياق، أن بعض سائقي الدراجات لم يكتفوا بالانتظار. فقد أطلقوا بشكل تطوعي خريطة إلكترونية تشاركية يتم تداولها في مجموعاتهم الخاصة، تحدد فيها “النقاط السوداء” التي تعرضهم للخطر، مدعمة بصور ومواقع دقيقة.
هذه المبادرة، التي لا تهدف إلى التنديد بل إلى المساهمة في تحسين الوضع، تعكس بداية وعي جماعي بأن إصلاح الوضع يتطلب تضافر جهود الجميع. وبين تدخلات محدودة من الجهات المسؤولة، وتحرك مدني ناشئ، يظل الأمل قائما في أن تتحول شوارع سيدي بليوط إلى فضاء أكثر أمانا لكل من يسير على عجلتين، خطوة بخطوة، وشارعا بعد آخر.