أعادت محكمة الاستئناف بالرباط، اليوم الإثنين 6 أكتوبر، فتح الجدل حول حدود حرية التعبير في المغرب، بعدما أيدت الحكم الابتدائي الصادر ضد الناشطة النسوية ابتسام لشكر، بالسجن سنتين ونصفا (30 شهرا) وغرامة مالية قدرها 50 ألف درهم، على خلفية نشرها صورة وصفت بـ”المسيئة للذات الإلهية”.
القضية التي شغلت الرأي العام منذ أشهر، انطلقت حين نشرت لشكر، المؤسسة لما يعرف بـ”الحركة البديلة للدفاع عن الحريات الفردية” (مالي)، صورة على حسابها بمواقع التواصل الاجتماعي ترتدي فيها قميصا يحمل عبارة اعتبرتها النيابة العامة مسيئة للدين الإسلامي، مرفقة بتدوينة وصفت بـ”إهانة صريحة للمقدسات”. وقد تمت متابعتها قضائيا بتهمة “الإساءة إلى الدين الإسلامي” وفق القوانين الجاري بها العمل في المملكة.
ولم يقتصر الجدل على أروقة المحاكم، بل امتد إلى الساحة السياسية والحقوقية. فقد عبر وزير العدل والحريات الأسبق مصطفى الرميد، في وقت سابق، عن رفضه لما سماه “الإساءة المتعمدة للمقدسات”، داعيا إلى تطبيق القانون بحزم في مواجهة كل ما يمس الدين الإسلامي. موقف الوزير السابق قوبل بانتقادات حادة من طرف جمعيات حقوقية رأت فيه محاولة لتأليب الرأي العام واستغلالا للمنصب في توجيه النقاش العام نحو التجريم بدل الحوار.
وفي هذا السياق، أعلنت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان – فرع الرباط، تضامنها مع لشكر، معتبرة أن الحكم “يمس جوهر حرية الرأي والتعبير” ويتعارض مع التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان. كما وصفت متابعة الناشطة بأنها “تعسفية”، مشيرة إلى أن تصريحات الرميد “تتماهى مع خطابات التحريض على الكراهية وتتجاوز حدود المسؤولية المؤسساتية”.
القضية تضع من جديد الخط الرفيع بين حرية التعبير واحترام المقدسات تحت المجهر، في ظل تنامي النقاشات حول الإصلاح القانوني الذي يوازن بين حماية القيم الدينية وصون الحقوق الفردية. وبين من يرى في الحكم تطبيقا صارما للقانون، ومن يعتبره تضييقا على الفكر النقدي، يبدو أن الجدل حول حرية المعتقد والتعبير في المغرب ما زال بعيدا عن نهايته.