في خضم أزمة دبلوماسية متفاقمة بين الجزائر ومالي، اختارت شركات الطيران الفرنسية أن تغير وجهتها نحو الجنوب الغربي، بحثا عن سماء أكثر هدوءا. هكذا وجدت نفسها Air France وCorsair، إلى جانب شركات أخرى، تحلق فوق الأجواء المغربية، بعدما أغلقت في وجهها سماء الجزائر ومالي في وقتٍ واحد.
هذا التغيير في المسارات، الذي لم يمر خفيا عن أعين المتابعين عبر منصات مثل FlightRadar24، بدأ في مطلع أبريل، مع قرار الجزائر منع الطائرات المتجهة إلى مالي من عبور أجوائها، وهو ما قابلته باماكو بإجراء مماثل، ليجد الطيران الفرنسي نفسه محاصرا جويا بين بلدين يتبادلان الرسائل عبر الممرات الهوائية.
ومع غياب البدائل الآمنة،.. بدا المغرب وكأنه المنفذ الوحيد، بممره الجوي المستقر الذي وفر لشركات الطيران الفرنسية طوق نجاة وسط سماء مضطربة. ومع ذلك، لم يكن العبور بلا ثمن،.. فقد تسبب هذا التحول في زيادة مدة الرحلات نحو وجهات إفريقية مثل دكار وأبيدجان بنحو 30 إلى 45 دقيقة،.. ما انعكس على التكاليف التشغيلية وأربك جداول الطيران.
ما يحدث ليس مجرد تعديل في خط الطيران،.. بل هو عنوان لمعادلة إقليمية جديدة. فالعلاقات الجزائرية المالية التي دخلت مرحلة توتر حاد إثر اتهامات متبادلة بإسقاط طائرات مسيرة،.. دفعت ثلاثيا إقليميا — مالي، النيجر، وبوركينا فاسو — إلى استدعاء سفرائهم من الجزائر، في مشهد ينذر بإعادة تشكيل توازنات المنطقة.
وفي خضم هذا المشهد،.. يبرز المغرب كفاعل هادئ، يستثمر استقراره السياسي وموقعه الاستراتيجي على تخوم المحيط الأطلسي، ليلعب دور “الممر الجوي الموثوق”،.. في وقت تسخر فيه بعض الدول مجالاتها الجوية كأدوات للضغط السياسي.