ودّع المغرب، نهاية هذا الأسبوع، واحدا من أبرز شهود تاريخه المعاصر برحيل النقيب الطيار صالح حشاد، الذي أسلم الروح عن عمر ناهز 87 سنة، تاركا خلفه إرثا إنسانيا وتاريخيا يختزل فصولا من ذاكرة البلاد.
الفقيد، المولود سنة 1938 بمدينة بني ملال، يعد من الوجوه البارزة في تاريخ سلاح الجو الملكي المغربي. تلقى تكوينه العسكري بين المغرب وفرنسا والولايات المتحدة، وأثبت كفاءة عالية في قيادة طائرات حربية متطورة آنذاك، من بينها طراز “ميغ” و”إف-5″، ما أهله ليكون من النخبة الجوية للجيش المغربي.
غير أن مسار الرجل عرف منعطفا مأساويا بعد اعتقاله سنة 1972 على خلفية تورطه في محاولة الانقلاب الفاشلة ضد الملك الراحل الحسن الثاني. تم نقله إلى معتقل تازمامارت السري، حيث قضى ما يقارب 18 عاما في ظروف وصفت بالقاسية، اتسمت بالعزلة التامة والحرمان من أبسط مقومات الحياة الإنسانية. أصبح المعتقل، بفظاعته، رمزا لمعاناة جيل كامل من العسكريين المغاربة.
بعد الإفراج عنه سنة 1991، انخرط صالح حشاد في سرد شهاداته، مساهما في كشف حقائق تلك الحقبة وتوثيقها للأجيال القادمة. شهاداته كانت بمثابة جسر يربط الماضي بالحاضر، ونداء لعدم تكرار تلك الصفحات المؤلمة.