يشهد سوق العقار بالمغرب مرحلة غير مسبوقة من الركود، حيث تراجعت معاملات البيع بشكل حاد، بينما بقيت الأسعار شبه مستقرة، وهو وضع نادر في قطاع طالما اعتبر من ركائز الاقتصاد الوطني. فقد شمل التباطؤ مختلف الفروع، من السكني إلى العقار المهني، مرورا بالوعاء العقاري.
التقارير الصادرة عن بنك المغرب تكشف أن معاملات الربع الأول من سنة 2025 انخفضت بشكل لافت، فيما سجلت الأسعار استقرارا نسبيا مقارنة مع الفترة نفسها من 2024، إذ لم تتجاوز التغيرات +0,1٪ في العقار السكني و-0,1٪ في الأراضي و-0,3٪ في العقار المهني. أما الأرقام الخاصة بالربع الثاني فلم تعلن بعد، غير أن المهنيين يؤكدون استمرار التوجه نفسه.
الأرقام تبين أن حجم المبيعات انكمش بـ15,2٪ على أساس سنوي. الأراضي كانت الأكثر تضررا بتراجع بلغ 33,1٪ خلال الربع الأول، مع انخفاض أسعارها بـ2,5٪، ما ينذر بتوقف مشاريع البناء وتأجيل استثمارات جديدة. العقار المهني بدوره سجل هبوطا قويا بـ31,4٪، حيث تراجعت مبيعات المكاتب بـ40,5٪، فيما انخفضت أسعارها بـ4,2٪. أما المحلات التجارية فقد استقرت أسعارها نسبيا لكنها فقدت 29٪ من حجم المبيعات.
القطاع السكني، الذي يمثل الثقل الأكبر في السوق، لم يسلم بدوره من الانكماش،.. إذ انخفضت مبيعات الشقق بـ29٪، والبيوت بـ34,6٪، والفيلات بـ31,8٪. ويعزو الفاعلون هذا التراجع إلى ارتفاع كلفة المعاملات التي تصل إلى 20٪ من السعر النهائي، وتشمل الضرائب ورسوم المحافظة العقارية ومصاريف أخرى، ما يجعل المشترين يؤجلون قراراتهم رغم استقرار الأسعار المعلنة.
القطاع العقاري يتعثر: انخفاض المبيعات يهدد آلاف مناصب الشغل
كريم عمور، نائب رئيس الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين،.. أوضح أن المشكل يكمن في عبء الرسوم المفروضة من هيئات عمومية وشبه عمومية،.. مؤكدا أن هذه الأعباء تخنق القدرة الشرائية وتضغط على هوامش المنعشين. وحذر من أن غياب إصلاح ضريبي شامل سيبقي القطاع في حالة شلل.
الوضعية تبدو أكثر قتامة في مجال السكن الاجتماعي الذي يمثل نحو 80٪ من العرض الوطني. الإنتاج الذي كان يصل إلى 180 ألف وحدة سنويا أصبح يتراجع بفعل ندرة الأراضي وارتفاع كلفتها،.. فيما يظل السعر المنظم للوحدة أقل من 300 ألف درهم، وهو ما يحد من قدرة الفاعلين على مواصلة الاستثمار.
ووفق عمور، فإن عدد العاملين في هذا الفرع تراجع إلى حوالي 300 ألف فقط،.. بعدما كان يصل في أوج نشاطه إلى 1,2 مليون شخص. وهو ما يهدد آلاف الأسر بخسارة مصادر دخلها. ويشدد المتحدث على ضرورة فتح حوار وطني يجمع الدولة والبنوك والمنعشين لإعادة الثقة وإنعاش القطاع،.. قبل أن تمتد الأزمة لتصيب مجالات اقتصادية أخرى.