تتجدد الضغوط على مدريد وهذه المرة من داخل مؤسستها التشريعية، حيث تقدم حزبان من المعارضة اليسارية بمقترح جديد يطالب بتجميد صادرات الأسلحة والمعدات الأمنية إلى المغرب. “EH Bildu” الباسكي و”اليسار الجمهوري الكاتالوني” أعادا فتح ملف العلاقات العسكرية مع الرباط، مستندين إلى شعارات حقوق الإنسان، في خطوة تقرأ داخل الأوساط السياسية على أنها جزء من صراع أوسع يتجاوز حدود التجارة الأمنية، ليمس جوهر التموضع الإسباني في معادلة مغاربية شديدة الحساسية.
في بيان مشترك، دعا الحزبان الحكومة الإسبانية إلى وقف أي تراخيص جديدة لتوريد العتاد الأمني إلى الرباط، ما لم يتم فتح تحقيق مس تقل وشامل في ما وصفوه بـ”انتهاكات جسيمة للقانون الدولي”، على غرار التعذيب، الاختفاء القسري، والاستخدام المفرط للقوة ضد المهاجرين.
اللافت في هذا التحرك،.. الذي يأتي تزامنا مع مناقشة مشروع إصلاح قانون التجارة الخارجية لمعدات الدفاع والأمن داخل البرلمان الإسباني، هو توقيته ورسائله. فهو لا يقرأ فقط في سياق إسباني داخلي، بل أيضا كامتدادٍ لمواقف داعمة تقليديا لجبهة البوليساريو، تستثمر في كل مناسبة لتصعيد الضغط على العلاقات المغربية-الإسبانية.
ومع ذلك،.. لا يبدو أن مدريد الرسمية تنوي تغيير مسارها،.. على الأقل في المدى القريب. فقد جدد وزير الخارجية، خوسيه مانويل ألباريس،.. التأكيد على أن صادرات بلاده العسكرية تخضع لقواعد صارمة تحترم القانون الدولي واللوائح الأوروبية،.. وأن التعامل مع المغرب يتم وفق معايير موحدة تشمل جميع الدول.
ولئن كان خطاب ألباريس قانونيا في ظاهره،.. فإنه يحمل في طياته رسائل أوضح: المغرب ليس دولة عادية في حسابات مدريد،.. بل شريك محوري في ملفات الأمن والهجرة ومكافحة الإرهاب، وهي أوراق ثقيلة لا يمكن التضحية بها تحت ضغوط فئوية.
فالمقترح الأخير ليس الأول من نوعه؛ فقد سبق لحزب ERC أن تبنى مبادرة مماثلة سنة 2020،.. من خلال مقترح قانون غير ملزم يدعو لوقف صادرات المعدات الأمنية للمغرب،.. دون أن يغير ذلك من موقف الحكومة الإسبانية قيد أنملة.