تعيش منطقة عين الذئاب في الدار البيضاء هذه الأيام على وقع حملة هدم واسعة النطاق، طالت عددا من المباني والمنشآت الممتدة على طول الكورنيش، في خطوة غير مسبوقة ضمن مشروع ضخم لإعادة تنظيم وتأهيل الواجهة البحرية للعاصمة الاقتصادية.
فخلال الأيام الأخيرة، شوهدت الجرافات وهي تزيل مطاعم ومقاهي ومنشآت ترفيهية كانت لعقود جزءا من ذاكرة المكان، لكنها – وفق ما أكدته السلطات المحلية – شيدت في غياب تراخيص قانونية أو بشكل مخالف لتصاميم التهيئة الحضرية. مصادر مسؤولة وصفت الوضع السابق بأنه “احتلال غير مشروع للملك العمومي وتشويه لجمالية الكورنيش”، وهو ما جعل السلطات تتحرك بحزم لإنهاء هذه الفوضى العمرانية.
وذكرت مصادر من داخل الولاية والوكالة الحضرية أن قرارات الهدم لم تكن مفاجئة، بل سبقتها إنذارات متكررة لأصحاب المحلات بضرورة تسوية وضعيتهم أو إخلاء الأماكن التي يشغلونها، غير أن بعضهم استمر في نشاطه رغم انتهاء الرخص المؤقتة التي كانت بحوزتهم.
العملية تندرج ضمن مشروع طموح لإعادة تهيئة كورنيش عين الذئاب، يهدف إلى تحويله إلى فضاء حضري متكامل يليق بمكانة الدار البيضاء كعاصمة اقتصادية وسياحية للمملكة. ويشمل المشروع إنشاء مساحات خضراء جديدة، وممرات للراجلين والدراجات، ومواقف سيارات منظمة، إضافة إلى مرافق ثقافية ورياضية حديثة من شأنها تعزيز جاذبية المنطقة للسكان والزوار.
غير أن الحملة لم تمر دون إثارة الجدل؛ فبينما عبر عدد من سكان المدينة عن ارتياحهم لهذه الدينامية الجديدة باعتبارها خطوة “ضرورية لمحاربة الفوضى واسترجاع الفضاء العمومي”، أبدى بعض المستثمرين وأرباب المقاهي تخوفهم من الخسائر الاقتصادية التي خلفها الإغلاق المفاجئ لمحلاتهم.
أحد المهنيين المتضررين صرح لـ”آنفا نيوز” قائلا: “نحن لا نعارض التنظيم، لكن كنا نأمل في مهلة إضافية لإعادة ترتيب أوضاعنا، خصوصا وأننا استثمرنا مبالغ كبيرة في هذه المشاريع منذ سنوات طويلة”.
ويؤكد مصدر من مجلس المدينة أن الهدف ليس فقط إزالة المباني العشوائية، بل “استعادة رونق عين الذئاب” وتحويلها إلى نموذج حضري متوازن يجمع بين الاقتصاد والبيئة والترفيه. وأضاف أن أشغال التهيئة مرشحة للانتهاء في أفق سنة 2026، لتصبح المنطقة واجهة بحرية عصرية تليق بصورة الدار البيضاء الحديثة.
في انتظار ذلك، يبقى السؤال مطروحا على ألسنة كثيرين: هل ستولد عين الذئاب من جديد بروح أكثر جمالا وتنظيما، أم ستفقد شيئا من بريقها القديم؟


