أصدرت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء حكما يقضي بعدم قانونية فصل أجير من عمله على خلفية غياب لم يتجاوز أربعة أيام، في سابقة قضائية مرشحة لأن تصبح مرجعا في تدبير النزاعات الشغلية بالمغرب، معتبرة أن المشغل خرق المسطرة القانونية المنصوص عليها في مدونة الشغل، مما يجعل القرار تعسفيا ويستوجب التعويض.
القضية انطلقت حين أقدمت مؤسسة خاصة على طرد أحد مستخدميها بسبب “غيابات متكررة”، مستندة إلى تقييم داخلي اعتبر الغياب الأخير المتمثل في أربعة أيام متتالية كافيا لتبرير قرار الفصل، غير أن القضاء كان له رأي مغاير.
المحكمة ارتكزت على المادة 39 من مدونة الشغل، التي تنص على أن الغياب لا يعد خطأ جسيما إلا إذا تجاوز أربعة أيام متتالية دون مبرر، أو ثمانية أنصاف أيام غير متصلة خلال 12 شهرا، وهي شروط لم تتحقق في هذه الحالة. كما أشارت المحكمة إلى أن رب العمل لم يحترم الآجال القانونية لعقد جلسة الاستماع التأديبية، ولم يدل بما يثبت التدرج في العقوبات أو توجيه استدعاء يستوفي الشروط الشكلية، ومنها تاريخ الخطأ المفترض.
وفي ردها على هذه المعطيات، دافعت المؤسسة عن قرارها بالقول إن الأجير أظهر تقصيرا مهنيا متكررا وتجاهل عددا من التنبيهات والاستدعاءات، إلا أن المحكمة شددت في تعليلها على أن الأعذار الذاتية لا تغني عن احترام الإجراءات القانونية المنصوص عليها، والتي تعتبر ضمانة أساسية لحماية العلاقة الشغلية.
المراقبون اعتبروا هذا الحكم بمثابة رسالة واضحة للمشغلين بضرورة إعمال القانون قبل اتخاذ قرارات مصيرية تمس الأجراء، مؤكدين أن القضاء المغربي يواصل نهجه في تكريس ثقافة الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة، حتى داخل القطاع الخاص.
وفي ظل تزايد القضايا المرتبطة بالطرد التعسفي، يؤكد هذا الحكم من جديد أن العشوائية أو التسرع في القرارات الإدارية قد يكلف أرباب العمل ثمنا قانونيا باهظا، وأن احترام المسطرة هو الفيصل بين القرار المشروع والانتهاك الصريح لحقوق العمال.