في تطور سياسي غير مسبوق، صادق البرلمان الفرنسي مساء الأربعاء على إسقاط اتفاق 1968 الذي منح الجزائريين امتيازات خاصة في مجالات الهجرة والإقامة والعمل داخل فرنسا، وهو اتفاق ظل يُعتبر أحد آخر بقايا “العلاقة الخاصة” بين باريس والجزائر منذ نهاية الحرب في ستينيات القرن الماضي.
ووفق ما نقلته كل من وكالة الأنباء الفرنسية AFP وقناة فرنسا 24، فقد جاء القرار بفارق صوت واحد فقط، بعدما صوّت 185 نائبا لصالح الإلغاء مقابل 184 معارضا، في جلسة مثيرة شكلت اختبارا حقيقيا لتوازن القوى داخل الجمعية الوطنية الفرنسية.
المقترح الذي قدمه حزب التجمع الوطني بزعامة مارين لوبان، حظي بدعم واضح من نواب حزب الجمهوريين وحزب آفاق، بينما رفضته أحزاب اليسار والكتلة الموالية للرئيس إيمانويل ماكرون، التي اعتبرت الخطوة “استفزازا سياسيا” أكثر منها إصلاحا تشريعيا.
الاتفاق الفرنسي الجزائري الموقع سنة 1968 كان قد منح الجزائريين وضعا فريدا، يسمح لهم بدخول فرنسا بشروط تفضيلية مقارنة ببقية الجنسيات، إلى جانب تسهيلات في الإقامة ولم الشمل والعمل. وقد اعتبره اليمين الفرنسي على مدى سنوات “تمييزا غير مبرر” لا يتماشى مع قوانين الهجرة الحديثة.
مارين لوبان لم تخف فرحتها بعد التصويت، ووصفت النتيجة بـ”اليوم التاريخي” لحزبها الذي طالما دعا إلى إنهاء ما اعتبره “استثناء جزائريا” في السياسة الفرنسية. وقالت لوبان أمام النواب: “لقد أنصفنا التاريخ، فالاتفاق لم يعد يعكس واقع العلاقات بين باريس والجزائر، ولا يعبر عن إرادة الشعب الفرنسي.”
ورغم أن القرار لا يعتبر بعد قانونا ملزما، إلا أنه يشكل إشارة سياسية قوية عن تغير المزاج داخل البرلمان الفرنسي، خصوصا في ظل صعود اليمين المتطرف، الذي يستغل ملف الهجرة كأحد أعمدة خطابه الانتخابي استعدادا للاستحقاقات المقبلة.
وبينما لم تصدر الحكومة الفرنسية موقفا رسميا نهائيا، يرى مراقبون أن إلغاء الاتفاق سيكون له تأثير مباشر على مئات الآلاف من الجزائريين المقيمين في فرنسا أو الراغبين في الالتحاق بها، في وقت تشهد العلاقات بين البلدين أصلا توترا متكررا حول ملفات التأشيرات، الذاكرة، والتعاون الأمني.
وهكذا، يبدو أن قرار البرلمان الفرنسي، الذي مر بفارق ضئيل للغاية، قد فتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات الفرنسية الجزائرية، عنوانها: نهاية الامتيازات وبداية المساواة القانونية… ولو على أنغام السياسة الانتخابية.


