أطلقت محكمة الحسابات الفرنسية تحذيرا صارخا بشأن ما وصفته بـ”المخاطر الكبيرة” التي تهدد نظام التقاعد في البلاد، بسبب تزايد عمليات الاحتيال المرتبطة بتحويل المعاشات نحو الخارج، خصوصا نحو المغرب والجزائر.
في تقرير رسمي صادر بتاريخ 26 ماي المنصرم، ضمن مراجعة أداء منظومة الضمان الاجتماعي لسنة 2025، سلطت الهيئة الرقابية الضوء على ثلاث ممارسات رئيسية تقف وراء هذا النزيف المالي: انتحال الهوية، عدم التصريح بمغادرة التراب الفرنسي، والتكتم عن حالات الوفاة.
ووفق نفس المصدر، فإن عمليات التحويل هذه تضع صناديق التقاعد في مواجهة خسائر سنوية تقدر بملايين اليوروهات، بسبب صعوبة تتبع الوقائع خارج الأراضي الفرنسية.
وفي خطوة استباقية، أنجزت الشرطة الحدودية الفرنسية، ما بين 2019 و2022، عملية تدقيق شملت عينة من 2500 ملف، خلصت إلى نتائج مثيرة: 2.27% من الملفات تضم وثائق غير مطابقة، بينما تبين أن 22% منها تخص مغاربة و14% جزائريين، رغم أن نسبتهم داخل العينة لا تتجاوز 6% و4% على التوالي.
هذا الفارق اللافت، بحسب التقرير، يكشف مستوى مرتفعا من الاحتيال المحتمل، مما يستدعي تكثيف المراقبة وتوجيه الموارد الرقابية نحو دول بعينها، في مقدمتها الجزائر التي تحتضن 31% من مجموع المتقاعدين المقيمين خارج فرنسا، تليها البرتغال، إسبانيا، إيطاليا، المغرب بنسبة 6%، ثم تونس بـ3%.
وبين 2020 و2023، نفذت السلطات الفرنسية حملات تحقق ميدانية استهدفت 4000 متقاعد في الجزائر و2500 في المغرب، لكنها اعتبرت ذلك غير كاف، داعية إلى إرساء آليات تبادل منتظم للبيانات المدنية، خاصة في ما يتعلق بإشعارات الوفاة، لضمان شفافية المعاملات.
وشدد التقرير على أن نزاهة نظام التقاعد الفرنسي باتت مهددة في سياق مالي هش، محذرا من مغبة “التساهل في صرف المعاشات” دون تحقق كاف، وهو ما يتطلب حسب المحكمة تعزيز التعاون الإداري مع الدول المعنية، بما يضمن حسن توجيه الموارد العمومية.