الأكثر مشاهدة

قراءة في تأثير دمج صواريخ ستينغر على المنظومة الدفاعية المغربية

في خطوة استراتيجية جديدة تعزز من مكانة المغرب كقوة إقليمية صاعدة في المجال العسكري، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن موافقتها على صفقة دفاعية مهمة تتمثل في تزويد المملكة بـ600 صاروخ ستينغر من طراز FIM-92K Stinger Block I، وهي النسخة الأحدث والأكثر تطورا من منظومة ستينغر المحمولة.

هذه الصفقة التي تبلغ قيمتها حوالي 825 مليون دولار، لا تقتصر على شراء الصواريخ فقط، بل تشمل أيضا حزمة متكاملة من الخدمات اللوجستية والدعم الهندسي، إضافة إلى برامج تحديث تقني متطور ستشرف عليه شركات أمريكية مرموقة مثل Lockheed Martin وRTX Corporation، مما يشير إلى أن الأمر لا يتعلق بمجرد شراء سلاح، بل بنقل نوعي في قدرة المغرب على حماية مجاله الجوي ضد التهديدات المعاصرة.

الصفقة تتضمن، إلى جانب الصواريخ، خدمات هندسية وتقنية عالية، وبرامج تحديث وتدريب متقدم، مما يمنح القوات المسلحة الملكية فرصة للاستفادة من الخبرة الأمريكية في مجال الدفاع الجوي القصير المدى، ويدعم انتقالها نحو استخدام أنظمة قادرة على مواجهة التهديدات غير التقليدية، خصوصا الطائرات المسيرة والصواريخ الجوالة بالإضافة إلى المروحيات.

- Ad -

FIM-92K ستينغر.. نسخة حديثة من صاروخ كلاسيكي بإمكانات مستقبلية

الصواريخ الجديدة التي سيتسلمها المغرب من طراز FIM-92K تنتمي إلى الجيل الحديث من منظومة ستينغر، وهي مزودة بتقنيات حديثة تمكنها من التصدي بدقة عالية للطائرات والمسيرات المعادية، حتى في أكثر البيئات تعقيدا من حيث التشويش الإلكتروني أو التضاريس الصعبة.

كما أنها قادرة على العمل في مختلف الظروف الجوية وتحت تأثير عوامل التشويش الحراري، مما يجعلها سلاحا مثاليا للمهام الدفاعية السريعة والاستجابة الفورية.

إدماج هذه الصواريخ في الترسانة المغربية سيساهم في سد ثغرة كبيرة كانت موجودة في الدفاعات الجوية قصيرة المدى، حيث أن قابلية “ستينغر” للنقل السريع والنشر الفردي أو من خلال العربات، يمنح الجيش المغربي مرونة ميدانية كبيرة وقدرة على تأمين النقاط الحساسة أو المتحركة مثل القوافل والقواعد المؤقتة، خاصة في المناطق الحدودية أو الجبلية.

كيف يتكامل ستينغر مع ميكا وباراك وميسترال؟

يمتلك المغرب منظومة دفاع جوي متعددة المستويات، تشمل:

صواريخ ميكا قصيرة المدى (حتى 20 كلم).

منظومة سكاي دراغون 50 (بمدى 50 كلم).

نظام باراك MX الإسرائيلي (يصل مداه إلى 150 كلم).

إضافة إلى نظام ميسترال الفرنسي المحمول على الكتف.

ومع انضمام “ستينغر”، ستصبح للمغرب قدرة شاملة على تغطية مجاله الجوي من جميع المستويات: المنخفضة جدا، القصيرة، المتوسطة والطويلة، بما يضمن الدفاع النقطي والعام بشكل متناغم ومتكامل.

إقرأ أيضا: 612 صاروخ جافلين و 200 وحدة إطلاق: تفاصيل صفقة الأسلحة الأمريكية للمغرب

وجدير بالذكر أن النسخة FIM-92K التي سيحصل عليها المغرب هي نفسها التي لعبت دورا محوريا في الحرب الأوكرانية ضد الطيران الروسي والمسيرات الإيرانية. وقد أظهرت فاعلية كبيرة في حماية المنشآت الحيوية ومراكز القيادة، ما يجعل هذه الصفقة ليست فقط اختيارا تقنيا بل استثمارا في تجربة عسكرية ناجحة نقلتها واشنطن إلى حلفائها المقربين.

منظومة متعددة الطبقات.. استراتيجية دفاع مغربية بأفق استباقي

تسعى العقيدة الدفاعية المغربية إلى التحول من مجرد الدفاع الكلاسيكي إلى منظومة استباقية ومرنة قادرة على التصدي للتهديدات في مهدها. وتعكس هذه الصفقة هذا التحول، حيث لم يعد الدفاع يقتصر على أنظمة ثقيلة أو صواريخ بعيدة المدى،.. بل أصبح يعتمد أيضا على توزيع ذكي للأسلحة المحمولة،.. وتكاملها مع الردارات وشبكات الاستشعار، ما يمنح المغرب تفوقا تكنولوجيا في الدفاع عن المجال الجوي الوطني.

في زمن أصبحت فيه الطائرات بدون طيار أداة هجومية فعالة،.. لا يمكن لأي دولة أن تضمن أمنها القومي دون منظومات دفاع متخصصة في اعتراض هذا النوع من التهديدات. وهنا تبرز قيمة “ستينغر” كعنصر ضروري لتحييد هذا الخطر،.. خاصة وأن الطائرات المسيرة أصبحت وسيلة مفضلة للهجمات غير النظامية،.. سواء من جماعات مسلحة أو أطراف معادية تسعى لزعزعة الاستقرار الإقليمي.

ووفقا لخبراء، فإن هذه الصفقة ليست استعراضا للتسليح،.. بل هي تجسيد لفلسفة دفاعية جديدة تقوم على منع التهديد قبل أن يصل إلى الأجواء المغربية. وهي تتناغم مع سياسة المغرب في السنوات الأخيرة، والتي تقوم على الاستباق والتحصين وتطوير بنية دفاعية مرنة،.. موزعة ومترابطة، تجعل من أي محاولة لاختراق الأجواء الوطنية مغامرة مكلفة وغير مضمونة العواقب.

مقالات ذات صلة