في قصة إنسانية نادرة تجسد عمق الوفاء والاعتراف بالجميل، أهدى شاب من مدينة الدار البيضاء أستاذه الابتدائي رحلة إلى الديار المقدسة لأداء مناسك العمرة، بعد أكثر من اثنين وعشرين عاما على موقف إنساني غير مسار حياته بالكامل.
تعود تفاصيل الحكاية إلى سنوات الطفولة، حين كان التلميذ يعيش وسط ظروف اجتماعية قاسية داخل أسرة فقيرة بأحد أحياء الهامش. وقتها، لم يكن قادرا حتى على اقتناء كتبه المدرسية، وهو ما كان يهدده بالتأخر الدراسي وربما مغادرة مقاعد الدراسة مبكرا.
لكن الأستاذ، بدل أن يلجأ إلى أي عقوبة، آثر أن يحمي كرامة الطفل في صمت، فتكفل بشراء كتبه وتزويده بها بعيدا عن أعين زملائه، ليضمن له فرصة الاستمرار في التعلم دون أن يشعر بالنقص أو الإحراج.
ذلك التصرف البسيط في شكله، العميق في أثره، أصبح نقطة تحول في حياة التلميذ الذي واصل مشواره التعليمي، ثم تمكن لاحقا من تغيير وضعه الاجتماعي والخروج من دائرة الحرمان.
وبعد أكثر من عقدين، قرر الشاب أن يخلد ذلك الموقف النبيل ببادرة عرفان، حيث فاجأ أستاذه بهدية العمر: رحلة عمرة إلى مكة المكرمة، في خطوة لاقت إشادة واسعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
القصة التي انتشرت بين النشطاء قوبلت بإعجاب كبير، ورآها الكثيرون مثالا بليغا على الأثر العميق للمعلم في تشكيل مسارات التلاميذ، ليس فقط عبر ما يقدمه من دروس في الفصل، بل بما يزرعه من قيم إنسانية ومواقف صادقة تبقى راسخة مدى الحياة.