تتواصل أزمة غلاء أسعار الأسماك في المغرب، حيث طالت أسعار السردين وباقي الأنواع التي كانت تقليديا تشكل الغذاء الأساسي للطبقات محدودة الدخل. وفي خضم هذا الجدل المتصاعد، قدم الخبير في الصيد البحري محمد الناجي، خلال ندوة بعنوان “الأمن الغذائي بين مخططي المغرب الأخضر وأليوتيس” التي نظمتها جمعية مهندسي حزب العدالة والتنمية، معطيات جديدة تسلط الضوء على أحد الأسباب الرئيسية التي تزيد من تفاقم الأزمة: سوء توزيع الإنتاج الوطني للأسماك.
وفي حديثه، كشف الناجي أن هناك أسماكا صالحة للاستهلاك البشري توجه للاستهلاك الصناعي، تحديدا في إنتاج “دقيق” أو “زيت السمك”، الذي يستحوذ على حوالي 500 إلى 600 ألف طن من الإنتاج الإجمالي. وأشار الناجي إلى أن هذا الحجم من الإنتاج يعادل ما تنتجه الجزائر وتونس وليبيا مجتمعة من الأسماك، في حين أن حصة الاستهلاك المحلي لا تتجاوز 400 ألف طن فقط من الإنتاج الوطني.
وأكد الناجي أن هذه الظاهرة تعتبر “نقطة سوداء” على جبين القطاع السمكي الوطني، مشددا على أن “زيت السمك” ينبغي أن يتم إنتاجه فقط من الأجزاء غير القابلة للاستهلاك من الأسماك، مثل الذيل والرأس، والتي يتم إعادة تدويرها لاستخدامها في صناعة علف الدواجن أو حتى إنتاج أطعمة الحيوانات الأليفة. إلا أن غياب المراقبة، وفقا للناجي، ساهم في توجيه أسماك قابلة للاستهلاك البشري إلى هذه الصناعات، مما أضعف حصة الاستهلاك المحلي ورفع أسعار السمك بشكل غير مبرر.
المغرب في “المنطقة الحمراء” للإنتاج السمكي: هل ندمر ثروتنا بأيدينا؟
وفيما يتعلق بالإنتاج السمكي الوطني، أشار الناجي إلى أن المغرب قد دخل في “المنطقة الحمراء” على مستوى الإنتاج، حيث تجاوز إجمالي الإنتاج أكثر من مليوني طن، وهو ما يهدد استدامة الثروة السمكية الوطنية. واعتبر أن هذه الزيادة في الإنتاج قد أدخلت المملكة في “التدمير بدلا من التدبير”، معتبرا أن هذا الارتفاع لا يتماشى مع تطور أنواع الأسماك الأخرى التي شهدت تراجعا ملحوظا، باستثناء الأسماك السطحية، وعلى رأسها السردين.
إقرأ أيضا: الصيد البحري في الدار البيضاء يشهد نموا كبيرا بنسبة 21% في مفرغات الأسماك
وأشار الناجي إلى أنه في سنة 1992 كان الإنتاج السمكي الوطني لا يتجاوز 600 ألف طن، ليصل في سنة 2022 إلى مليون و600 ألف طن. كما ارتفع إنتاج الأسماك السطحية من 400 ألف إلى حوالي مليون و300 ألف طن في نفس العام. ورفض الناجي الأرقام الرسمية التي تشير إلى أن المغرب ينتج ما بين مليون و400 ألف إلى 500 ألف طن من الأسماك السطحية، مؤكدا أن الإنتاج الحقيقي يصل إلى مليون و700 ألف طن، معتبرا أن قطاع التجميد يحتكر 300 إلى 350 ألف طن من هذه الكمية، وهو ما يغذي المعامل الإسبانية والبرتغالية التي تنشط في قطاع التعليب والتصبير.
وفيما يخص قطاع التعليب المحلي، أشار الناجي إلى أن المغرب يستحوذ على 350 ألف طن من الإنتاج السمكي، ويصدر حوالي 90 في المئة من هذا الإنتاج، مما يجعل الحصة المتبقية للاستهلاك المحلي لا تتعدى 400 ألف طن فقط.