في تحول يشبه عودة قوية إلى حلبة الكبار، رفعت وكالة التصنيف الأمريكية ستاندرد آند بورز، يوم 25 شتنبر 2025، التصنيف السيادي للمغرب إلى “BBB-/A-3″، ليعود بذلك إلى نادي الاستثمار الآمن الذي غادره قبل أربع سنوات تحت وطأة جائحة كوفيد-19 وضغوط المالية العمومية.
هذا القرار، الذي يأتي بعد تقييم ميداني لبعثة الوكالة في المغرب خلال شهر شتنبر، يمثل أكثر من مجرد تعديل تقني. إنه إشارة للأسواق العالمية بأن المغرب بلد جدير بالثقة، وقادر على الوفاء بالتزاماته المالية، ما يفتح الباب أمام تمويلات دولية بشروط أفضل، ويجعل من المملكة وجهة أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب.
التعديل الجديد هو الثاني في أقل من عامين: بعد أن رفعت الوكالة في مارس 2024 نظرتها للمغرب من “مستقر” إلى “إيجابي”، جاء الآن الارتقاء الرسمي إلى فئة الاستثمار. وهو تصنيف يعني أن المغرب يعتبر دولة منخفضة المخاطر، قادرة على الاقتراض بكلفة أقل وتمويل مشاريعها الاستراتيجية دون أعباء مرهقة.
وللمفارقة، في وقت تخسر فيه دول كبرى مثل فرنسا بعضا من تصنيفاتها الائتمانية، ينجح المغرب في تحسين موقعه، ما يمنحه ميزة تنافسية إضافية في السوق المالية العالمية.
تفسر ستاندرد آند بورز قرارها بالاستناد إلى عدة عوامل:
- قدرة الاقتصاد المغربي على امتصاص الصدمات، سواء جائحة كوفيد، أو تداعيات الحرب التجارية العالمية.
- توقع نمو اقتصادي قوي بمعدل 4% ما بين 2025 و2028.
- تحسن تدريجي في المالية العمومية: عجز الميزانية في طريقه إلى الانخفاض نحو 3% من الناتج المحلي بحلول 2026.
- إدارة رشيدة للديون مع تراجع تدريجي في نسبتها إلى الناتج المحلي.
- إصلاحات هيكلية واسعة بتوجيهات ملكية، تشمل التغطية الصحية الشاملة، النظام الموحد للضمان الاجتماعي، إصلاحات جبائية، وسياسات جذب الاستثمارات.
- انخفاض تكلفة الفائدة على القروض الدولية، ما يخفف الضغط على الميزانية.
- جاذبية أكبر للمستثمرين الأجانب وصناديق التقاعد العالمية التي لا تستثمر إلا في دول بدرجة استثمارية.
- قدرة أفضل على إصدار السندات الدولية وتمويل مشاريع البنية التحتية الكبرى.
- تعزيز صورة المغرب كاقتصاد مستقر في محيط إقليمي متقلب.
رغم هذه العودة القوية، يظل الحفاظ على التصنيف الجديد رهنًا بعدة عوامل:
- مواجهة التأثيرات السلبية لتغير المناخ على القطاع الزراعي.
- ضمان استمرار الإصلاحات الاقتصادية والمالية.
- تجنب تدهور مؤشرات الميزانية أو عجز الميزان التجاري.
فالوكالة نفسها نبهت إلى أن أي تراجع في الأداء الاقتصادي أو انفلات في المالية العامة قد يؤدي إلى خفض التصنيف، بينما يمكن أن يُرفع أكثر إذا واصل المغرب تحسين مؤشراته، وخصوصاً إذا تقدم نحو نظام صرف أكثر مرونة.