أكد الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والتقائية السياسات العمومية، كريم زيدان، أن المغرب ما يزال يصنف ضمن الوجهات الأكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي على الصعيدين الإقليمي والدولي، مشددا على أن الاحتجاجات الأخيرة لن تؤثر على حجم أو وتيرة الاستثمارات الأجنبية بالمملكة.
وأوضح زيدان، خلال استضافته في برنامج نبض العمق، أن المستثمرين الأجانب ينظرون إلى المغرب بعيون واقعية وموضوعية، بعيدا عن أي مؤثرات ظرفية، مؤكدا أن ما يجذبهم بالدرجة الأولى هو جودة البنيات التحتية، وتوفر طاقات بشرية مؤهلة قادرة على التواصل بلغات متعددة، إلى جانب التحفيزات الاستثمارية المهمة التي تقدمها الدولة للمستثمرين.
وأضاف الوزير أن المملكة تتميز بموقع جغرافي استراتيجي قرب أوروبا، وبشبكة علاقات تجارية واسعة مع الولايات المتحدة وأوروبا وإفريقيا وآسيا، فضلا عن استقرارها السياسي والاقتصادي والأمني، الذي يمنح المستثمرين الثقة الكاملة في إدخال رؤوس أموالهم ومزاولة أنشطتهم بحرية، مع إمكانية استرجاع أموالهم متى شاؤوا، مستفيدين من قوة الدرهم المغربي واستقراره النسبي أمام تقلبات الأسواق الدولية.
وأشار زيدان إلى أن كل هذه العناصر تجعل المغرب وجهة استثمارية رائدة “ليست فقط بفضل المناخ الجميل أو حسن الضيافة، بل وفق معايير تقنية وعملية تضمن استثمارا آمنا ومستداما”.
وفي ما يخص حصيلة اللجنة الوطنية للاستثمار، أوضح المسؤول الحكومي أنها صادقت على نحو 250 مشروعا استثماريا بقيمة إجمالية بلغت 414 مليار درهم، موزعة على مختلف جهات المملكة، مما أسفر عن إحداث أكثر من 179 ألف منصب شغل مباشر، وذلك إلى حدود الدورة التاسعة للجنة.
وأضاف أن من بين المشاريع المنجزة أو قيد الإنجاز استثمارات كبرى لشركات صينية وأوروبية، التي استقرت في المملكة وأحضرت معها مزوديها لبناء مصانع جديدة، مما يضاعف عدد فرص الشغل ويعزز النسيج الصناعي الوطني، متوقعا أن تتضاعف هذه الأرقام في الأشهر المقبلة بفضل الدينامية الاستثمارية التي تعرفها البلاد.
وبخصوص الاحتجاجات الأخيرة، شدد زيدان على أن “هذه التوترات لا تمثل تهديدا حقيقيا للاستثمار الأجنبي”، مؤكدا أن المستثمرين يدركون أن ما يقع “جزء من دينامية مجتمعية طبيعية تشهدها مختلف الدول، بما فيها أوروبا”، وأن صورة المغرب في الخارج تبقى إيجابية بفضل المؤسسة الملكية التي تضمن الاستقرار وتؤطر الحياة العامة.
وكشف الوزير أن مستثمرين هولنديين زاروا المغرب مؤخرا “لاحظوا بأعينهم مسار التقدم الذي تعرفه المملكة، وأكدوا أن مثل هذه التحديات موجودة في دولهم أيضا”، داعيا إلى نقل الصورة الحقيقية للمغرب إلى العالم بعيدا عن المبالغات.
كما أوضح أن المشاريع الاستثمارية بالمغرب ليست مرتبطة بالمونديال فقط، بل تندرج ضمن رؤية شاملة للدولة تقوم على التكامل بين مختلف القطاعات، لا سيما التعليم والصحة، باعتبارهما أساس التنمية المستدامة.
وختم زيدان بالقول إن “المغرب استثمر أولا في الإنسان، لأن التنمية تبدأ من المواطن”، مشيرا إلى أن النجاحات الرياضية الأخيرة، خاصة بعد مونديال قطر، ساهمت في تعزيز صورة المملكة ورفع جاذبيتها لدى المستثمرين والسياح على حد سواء، مؤكدا أن “جميع السياسات العامة مترابطة، وأن أي تقدم في قطاع معين ينعكس إيجابا على باقي المجالات الاقتصادية والاجتماعية”.