في واقعة أثارت دهشة السلطات والإعلام في سبتة، تمكن شاب من دول جنوب الصحراء، لا يتجاوز العشرينات من العمر، من الدخول إلى المدينة يوم الجمعة الماضي عبر مظلة شراعية — حادثة اعتبرتها الحرس المدني أول محاولة موثقة من هذا النوع إلى سبتة، بعد حالات معزولة سجلت سابقا في مليلية.
ووصفت المصادر الشاب بأنه «حسن المظهر» و«مؤدب»، وبعد وصوله ترك المظلة الشراعية الوردية في حشائش منطقة سيدي إبراهيم وتوارى عن الأنظار، قبل أن تتمكن الأجهزة من رصده والتعامل معه كحالة قيد التدبير داخل مراكز الإيواء، على أن يتم إدماجه في مساطر النقل أو البحوث الإدارية المتعارف عليها (ما يعرف محليا باسم رحلات “بالياريا” لتفريغ الاكتظاظ من مراكز استقبال المهاجرين).
الحادثة دفعت الحرس المدني إلى تحريك عمليات تمشيط ومتابعة، وأظهرت أن طريقة العبور الجوي، رغم ندرتها وخطورتها، لم تعد مجرد فكرة تداولتها بعض مقاطع الفيديو في شبكات التواصل، بل تحولت إلى واقع فعلي. المصادر الأمنية لاحظت أن المظلة لم تتضرر مما يوحي بأن صاحبها امتلك خبرة أو قدرة على التحكم أثناء الهبوط، لكن المسؤولين شددوا على خطورة مثل هذه المحاولات وغلاء تكلفتها ومخاطرها الكبيرة على حياة الفاعلين.
في موازاة ذلك، رصدت مصالح مركز استقبال المهاجرين (CETI) أن موجات الوافدين تتنوع: من متسللين يتخطون السياج إلى مستقلين يعبرون السواحل سباحة. وفي مرافق مثل “جارال” يحكى عن شباب يحتفلون بوصول رفاقهم وينشرون مقاطع توضح نقاط الالتحام وطرق الوصول، فيما تتضامن الشبكات المحلية بتقديم الغذاء والملابس والحميمية الأولى للقادمين.
مصادر الحرس المدني أكدت لوسائل إعلام محلية أن حالات العبور الفردية المعزولة تظل خارج نطاق سيل الهجرات التقليدي، لكنها أضافت أنها لا يمكن تجاهلها، لأن ما كان يعتبر «نكتة على تيك توك» صار الآن حاضرا في الواقع. الجهات الأمنية تفضل في بياناتها التعامل مع الموضوع كحوادث استثنائية، لكنها في الوقت ذاته تواكب الظاهرة وتضاعف اليقظة، لا سيما مع تنامي المحتوى المرئي الذي يصور عبور الحدود ويلهِم آخرين.
من منظور إنساني، تطرح هذه الحوادث مجددا أسئلة حول ظروف المهاجرين، دوافعهم، ومستويات المخاطرة التي يرضخون لها أمام آفاق ضيقة للغاية؛ كما تضع السلطات أمام تحدي مزدوج: حماية الأمن العام ومنع طرق العبور الخطرة، وفي الوقت نفسه ضمان احترام حقوق الأشخاص الوافدين وتدبير أوضاعهم وفق القانون والمواثيق الإنسانية.