في مشهد تقشعر له الأبدان، لفظ طفل صغير أنفاسه الأخيرة بدوار “تسكينت” التابع لجماعة إكيدي بإقليم تارودانت، بعدما تعرض للدغة أفعى قاتلة، في حادث مؤلم أعاد للأذهان واقع المعاناة اليومية لساكنة العالم القروي مع الزواحف السامة، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف.
ورغم محاولات إنقاذه، لم تسعفه الظروف ولا التجهيزات. فقد تم نقله على وجه السرعة بعد الحادث، لكن السم كان أسرع من أي تدخل، ليرحل الطفل في صمت موجع وسط دهشة وحزن أسرته وسكان المنطقة.
المأساة لم تكن سوى وجه آخر لأزمة أعمق: انعدام الأمصال المضادة، وغياب وحدات طبية مؤهلة، وصعوبة الوصول إلى أقرب مركز استشفائي قادر على تقديم الرعاية المستعجلة. كلها عوامل اجتمعت لتجعل من كل لدغة أفعى أو لسعة عقرب احتمالا مرعبا للموت، بدل أن تكون مجرد حالة طبية قابلة للعلاج.
حالة الطفل التي هزت سكان جماعة إكيدي لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة في ظل استمرار الإهمال الصحي الذي يرزح تحته سكان القرى النائية. فكل صيف يتحول إلى موسم خطر، حيث تخرج الأفاعي والعقارب من جحورها، ويظل المواطنون عزلا في مواجهة موت بطيء، يغذيه غياب الإسعاف والدواء.
هذه الحادثة المؤلمة لا تطرح فقط سؤالا عن الوضع الصحي، بل تضع السلطات الصحية والجهات المعنية أمام مسؤولية مستمرة تتجدد كل سنة، من أجل توفير الأمصال وتعميم وحدات الاستجابة السريعة، وتجهيز المراكز الصحية القروية بأدنى شروط الإنقاذ.