الأكثر مشاهدة

لماذا يتحدث الكونغرس الأمريكي عن البوليساريو بلغة الإرهاب؟

في مكاتب مغلقة بمركز “الدفاع عن الديمقراطيات” بواشنطن، تصاغ أوراق لا تقل أهمية عن مذكرات الأمن القومي. لكن هذه المرة، لا يتعلق الأمر بإيران أو كوريا الشمالية، بل بـ”جبهة البوليساريو”. اسم كان لعقود جزءا من ملف الصحراء المغربية، لكنه بات اليوم، حسب أصوات أمريكية، مرشحا ليدرج في لائحة الكيانات الإرهابية.

منذ اعتراف واشنطن، في عهد الرئيس دونالد ترامب، بسيادة المغرب على الصحراء سنة 2020، بدأ شيء ما يتغير. لم تعد جبهة البوليساريو مجرد “حركة تطالب بتقرير المصير”، بل تحولت إلى عنصر فاعل في تقارير مراكز التفكير القريبة من صناعة القرار، بعد أن تكشفت، شيئا فشيئا، صلات توصف بالخطيرة مع طهران، ومع حزب الله اللبناني.

التقرير الصادر عن مؤسسة “الدفاع عن الديمقراطيات” يذهب بعيدا في رسم صورة البوليساريو كحليف غير مباشر لمحور المقاومة. يتحدث عن تواجد مقاتلين في سوريا، دعم لوجستي من إيران، وتدريب وتنسيق مع حزب الله، وسط صمت دولي يعكس تعقيد المعادلة.

- Ad -

بل إن الصحيفة الأمريكية “واشنطن بوست” زادت من تعميق الجدل، حين أكدت في تحقيق لها أن أفرادا من البوليساريو تلقوا تدريبات عسكرية داخل الأراضي السورية، وشاركوا في شبكات تستهدف إعادة رسم النفوذ الإيراني في شمال إفريقيا.

لا يتوقف التقرير عند طهران وبيروت ودمشق، بل يتجه غربا نحو الجزائر. فحسب المؤسسة الأمريكية، تقوم الجزائر بـ”تمويل وتسليح جبهة البوليساريو، وتمنح قادتها جوازات سفر دبلوماسية، وتؤويهم في مخيمات تندوف قرب الحدود مع المغرب”. هذه الحقائق، تضيف المؤسسة، تحول الجزائر إلى فاعل مباشر في معادلة إقليمية تتجاوز بكثير مجرد نزاع حدودي.

الكونغرس يتحرك.. والضغط يشتد

التحول الأكبر لم يأت من مراكز التفكير، بل من داخل الكونغرس الأمريكي نفسه. شخصيات جمهورية، مثل النائب جو ويلسون، بدأت حملة رسمية تطالب البيت الأبيض بتصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية، مدعومة بأدلة على ارتباطها بمحور إيران – حزب الله.

وليس سرا أن هذا الضغط لا يتحرك في فراغ. بل يتغذى على اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء، وعلى سعي إدارة بايدن للحفاظ على التوازن بين دعم المغرب ومهادنة الجزائر.

في دوائر القرار الأمريكي، تصدر التقارير وتعقد الاجتماعات، لكن القرارات تظل رهينة ميزان المصالح. هل ستغامر واشنطن بتصنيف البوليساريو ككيان إرهابي؟ هل ستتجاوز حساسية العلاقات مع الجزائر وطهران؟ أم أن الضغط سيبقى ورقة ضغط على الطاولة في لحظة التفاوض؟

مقالات ذات صلة