كشفت معطيات حديثة أن المغرب استحوذ على 16.5 بالمئة من صادرات الغاز الإسباني خلال بداية هذا العام، مسجلا زيادة بنسبة 4 بالمئة مقارنة بالعام الماضي و5 بالمئة عن النصف الثاني من عام 2022، وهو الفترة التي شهدت انطلاق تدفق الغاز بين الرباط ومدريد في 28 يونيو.
وعقب مرور أكثر من عامين على قرار الجزائر بإنهاء عقد توريد الغاز مع المغرب من طرف واحد، أصبح المغرب وجهة رئيسية لصادرات الغاز الإسباني، حيث يستغل خط أنابيب المغرب-أوروبا بشكل كامل لضمان الإمداد. وبهذا الصدد، أضحى المغرب ثاني أكبر عميل للغاز الإسباني بعد فرنسا، وفقا للسجلات الشهرية لشركة إناغاس.
وفي يناير الماضي، ولأول مرة في التاريخ، تصدر المغرب قائمة وجهات صادرات الغاز الإسبانية، حيث استحوذ على 28% من جميع الصادرات الشهرية.
وتشير البيانات إلى أن شحنات الغاز إلى المغرب خلال الأشهر الماضية استغلت خط أنابيب المغرب-أوروبا بشكل كبير، واقتربت أحيانا من السعة القصوى لضخ الأنبوب، والتي تقدر ب960 جيجاوات ساعة (GWh) شهريا.
وفي بعض الأشهر من العامين الماضيين، استخدم أكثر من 90% من السعة القصوى للأنبوب، وفي غشت الماضي تحديدا، اقترب الاستخدام من الحد الأقصى مع إرسال 958 جيجاوات ساعة إلى المغرب، وفقا للبيانات المشتركة من Cores وإناغاس.
من المهم أن نوضح أن إسبانيا لا تبيع الغاز مباشرة إلى المغرب،.. بل تستقبل الشحنات في محطاتها لإعادة تحويل الغاز إلى حالته السائلة ثم إرساله عبر خط أنابيب طريفة إلى المغرب،.. حيث يكون الغاز مصدره دول أخرى. ويشمل الغاز المرسل إلى المغرب شهادة تضمن عدم احتوائه على الغاز الجزائري، تطبيقا لمطالب الحكومة الإسبانية والمغربية.
صادرات الغاز الإسباني إلى المغرب تثير غضب الجزائر
أثار تصدير إسبانيا للغاز الطبيعي إلى المغرب غضب الجزائر،.. التي كانت تسعى لخلق أزمة طاقية في المملكة بعد إنهاء عقد توريد الغاز بقرار أحادي. إلا أن المغرب نجح في تجنب هذه الأزمة بفضل تنوع مصادر الطاقة واستغلال البنية التحتية الإسبانية.
تتجلى أهمية الغاز الطبيعي في مزيج الطاقة المغربي بشكل محدود،.. إذ لا تتجاوز نسبته 10% من إجمالي استهلاك الطاقة. وهذا الاعتماد المحدود على الغاز ساهم في تقليل تأثير قطع الإمدادات الجزائرية. ومع ذلك، لم يقف المغرب مكتوف الأيدي أمام هذا التحدي، بل اعتمد على مصادر متنوعة من الغاز المستورد من السوق الدولية،.. لا سيما من الولايات المتحدة، مستفيدا من البنية التحتية الإسبانية لمحطات الإسالة وخط أنابيب الغاز المغاربي.
الجزائر، التي قطعت علاقتها الدبلوماسية مع المغرب وأوقفت التعاملات التجارية في قطاع الغاز،.. كانت تأمل في أن يؤدي هذا القرار إلى ضغوط كبيرة على الاقتصاد المغربي،.. خصوصا في قطاع الطاقة. لكن المغرب، بفضل استراتيجيته المتنوعة في تأمين مصادر الطاقة،.. لم يتأثر بالدرجة التي كانت تأملها الجزائر. وبدلا من ذلك، اتجه المغرب لاستيراد الغاز المسال عبر محطات الغاز الإسبانية،.. ومن ثم ضخه عبر الأنبوب المغاربي إلى أراضيه، مما ضمن استمرارية الإمدادات دون انقطاع.
استغلال المغرب للبنية التحتية الإسبانية، التي تعتبر الأكثر تطورا في المنطقة،.. مكنه من تجاوز العوائق التي كانت تسعى الجزائر لفرضها. هذه البنية التحتية سمحت بإعادة تحويل الغاز المسال إلى حالته الغازية وإمداد السوق المغربية بشكل سلس ومستمر.