في الدار البيضاء، لم يعد حضور المهاجرين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء مشهدا عابرا، بل تحول إلى مكون أساسي في الحياة اليومية للعاصمة الاقتصادية للمغرب. هؤلاء الذين كانت بوصلتهم في السابق تتجه نحو الضفة الأوروبية، دفعتهم القيود المتزايدة على الهجرة غير النظامية إلى الاستقرار في قلب المدينة، حيث يجدون قدرا من التسامح وفرصا اقتصادية متواضعة، وفقا لـ “لوموند” الفرنسية.
في حي الولفة الشعبي، اختار يوسف لزوزي، المغربي الثلاثيني، أن يغير مساره التجاري بالكامل. قبل عام، كان يبيع مستحضرات تجميل عضوية، لكن ضعف الإقبال جعله يوجه نشاطه نحو زبائن جدد. فافتتح محلا صغيرا يعرض منتجات وأطباقا مستوحاة من ساحل العاج، أبرزها “الأتيكيه” – سميد الكسافا – بسعر 18 درهما، إلى جانب الأرز العطري. ويقول إن أغلب زبائنه اليوم من المهاجرين الأفارقة، وهم من أطلقوا عليه لقب “كوامي”، الاسم الشائع في الكوت ديفوار.
غير بعيد، يمارس يوسف ناصر، البالغ من العمر 42 عاما، تجارة مختلفة لكنها تخدم نفس الفئة. يوميا، يقود دراجته الهوائية لتوزيع نحو 20 كيلوغراما من الباميا والفلفل الإفريقي الحار على باعة متجولين ومطاعم يديرها مهاجرون من السنغال أو نيجيريا، وغالبا ما تزين جدران هذه المطاعم صورة للملك. ناصر، الذي كان يبيع الخبز في السابق، يحصل حاليا على دخل شهري يقارب 3000 درهم، وهو ما يعادل الحد الأدنى للأجور في المغرب.
ويعبر ناصر عن تقديره لهؤلاء المهاجرين، موضحا أن له إخوة في فرنسا وإسبانيا، ولا يريد أن يعانوا من سوء المعاملة، لذلك يرى أن المهاجرين الأفارقة في المغرب يستحقون دعما حقيقيا وفرصة للعيش بكرامة.
ورغم قصص الاندماج هذه، فقد أصبح ملف المهاجرين الأفارقة في المغرب موضوعا مثيرا للجدل في الآونة الأخيرة، خاصة في الدار البيضاء، حيث عبر عدد من السكان عن قلقهم من بعض السلوكيات الفوضوية والدخيلة على النسيج المحلي، وهو ما جعل النقاش يتجدد حول كيفية الحفاظ على الأمن والنظام العام.