تسللت يد الخراب من جديد إلى قلب الدار البيضاء، وهذه المرة طالت واحدة من أكبر منشآتها الرياضية وأكثرها رمزية: مركب محمد الخامس. مشهد صادم ومؤسف خلفه بعض من يسمون أنفسهم “جماهير”، ممن حولوا فرجة كروية كان يفترض أن تعكس رقي التشجيع المغربي، إلى فوضى عارمة واعتداء همجي على ممتلكات عامة كلفت الدولة ملايير الدراهم من جيوب المواطنين.
منشأة تأهبت لكأس أفريقيا… فهل نستحق شرف التنظيم؟
المباراة التي جمعت بين الرجاء البيضاوي وحسنية أكادير برسم البطولة الوطنية لم تنته بصافرة الحكم، بل تواصلت فصولها في المرافق الصحية والمقاعد والفضاءات الداخلية للمركب، حيث تم تخريب ما أمكن تخريبه، في مشهد يندى له الجبين. كاميرات الهواتف وثقت ما جرى، وانتشرت المقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم، لتكشف مرة أخرى الوجه القبيح لبعض المحسوبين على المدرجات.
هذه البنية التحتية ليست فقط ملعبا، بل هي ورقة اعتماد المغرب لدى الاتحاد الإفريقي لتنظيم كأس أمم أفريقيا المرتقبة، ومرآة تعكس مدى استعداد الدار البيضاء لاستقبال مباريات كبرى لقطبيها الرجاء والوداد. فكيف يمكن تفسير هذا التخريب العبثي الذي يسائل صمت المسؤولين الأمنيين والرياضيين على حد سواء؟
الشارع البيضاوي والمغربي عموما لم يلتزم الصمت، بل عبر عن غضبه وامتعاضه من هذا السلوك “الوحشي”،.. وارتفعت الأصوات مطالبة بإجراءات صارمة، ليس فقط عبر البلاغات أو الخطابات،.. بل عبر محاسبة فعلية وجدية لكل من ثبت تورطه في تدمير الممتلكات العامة.
هل يعقل أن يتم تدمير مرافق صرفت عليها أموال باهظة من ميزانية الدولة،.. دون أن يتحمل أحد المسؤولية؟ أليس من واجب السلطات أن تشدد العقوبات وتفعل منظومة المراقبة داخل الملاعب؟ وأين دور الأندية في توعية جماهيرها وردع المتورطين؟
ما بعد الغضب… هل من دروس؟
ما وقع في مركب محمد الخامس ليس حادثا معزولا، بل حلقة جديدة في سلسلة من الانفلاتات التي تتكرر بانتظام،.. وتظهر أن الرياضة في المغرب تحتاج إلى ما هو أكثر من تجديد البنية التحتية: تحتاج إلى تجديد العقليات.
إن ترك هؤلاء العابثين والمسوخ البشرية يعيثون فسادا دون عقاب واضح،.. هو بمثابة إعلان استسلام رسمي أمام التخريب. فهل تتحرك الجهات الوصية، أم سننتظر فاجعة أكبر لنبدأ التفكير؟