شهدت مدينة الدار البيضاء، صباح الأربعاء 16 أبريل، انطلاق الدورة الحادية عشرة من ملتقى التأمين المغربي الدولي، وسط حضور مكثف لكبريات شركات التأمين الوطنية والعالمية، في لحظة وصفها المراقبون بأنها مفصلية في مستقبل هذا القطاع الذي بات يواجه تحديات تكنولوجية متسارعة لا هوادة فيها.
تحت شعار “التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي: أية فرص لقطاع التأمين؟”، شكل الملتقى هذه السنة فضاء حيويا للحوار وتبادل الرؤى بشأن ما ينتظر الصناعة التأمينية في زمن التحول الرقمي العميق، حيث أشار حسن بنصالح، رئيس الجامعة المغربية لشركات التأمين، في كلمته الافتتاحية إلى أن هذا الحدث بات يشكل ملتقى عالميا للتفكير والتأمل في مستقبل القطاع.
وأكد بنصالح أن الذكاء الاصطناعي يُعيد رسم قواعد اللعبة، حيث يمتد تأثيره من عمليات الاكتتاب وإدارة الملفات التعويضية إلى التفاعل مع الزبناء ومكافحة الغش، لكنه شدد على ضرورة تقنين هذا التحول، قائلا: “هذه الثورة يجب أن تواكب بإطار قانوني وأخلاقي يوازن بين الابتكار وحماية المؤمَّنين.”
مشاريع جديدة تبشر بتحول هيكلي
وفي خطوة تهدف إلى مواكبة التطورات التكنولوجية، أعلن بنصالح عن إطلاق مشروعين إستراتيجيين خلال النصف الثاني من السنة الجارية:
- رقمنة شهادة التأمين على السيارات،
- وتنفيذ منصة دفع متعددة القنوات.
هذه المشاريع، حسب المتحدث، ستساهم في تسريع التحول الرقمي للقطاع، وتبسيط المعاملات اليومية للمؤمنين.
أبرز ما أثير خلال الملتقى هو المعضلة الجديدة التي تواجه شركات التأمين: كيف يمكن التوفيق بين دقة التخصيص التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، ومبدأ التضامن الذي يعد أساس التأمين؟
فحسب بنصالح، القدرة على تحديد الأسعار حسب كل ملف تعتبر إنجازا تقنيا، لكنها قد تفضي إلى تهميش الفئات الهشة ما لم يتم التحكم في هذا التوجه، داعيا إلى استغلال الذكاء الاصطناعي كأداة للاندماج وليس للإقصاء.
من “الإنشورتك” إلى السيبر-أمن
وفي سياق متصل، دعا بنصالح إلى دعم منظومة Insurtech وDeep Tech،.. معتبرا أن هذه الشركات الناشئة تشكل محركا رئيسيا لتحديث القطاع. لكنه لم يغفل التحديات، وعلى رأسها مخاطر الهجمات السيبرانية، التي وصفها بالمتنامية والمعقدة، داعيا إلى تطوير نماذج تأمينية خاصة بهذه التهديدات بالتعاون مع شركات إعادة التأمين الكبرى.
ختامًا، سلط الملتقى الضوء على تحولين كبيرين مرتقبين خلال الشهور المقبلة:
- مراجعة جدول التعويضات في التأمين على السيارات، المعتمد منذ سنة 1984، وهو ما سيؤثر على أسعار العقود.
- انتقال المؤمنين في قطاع الصحة نحو نظام التغطية الصحية الشاملة، ما يلزم الشركات بالتحول نحو دور المكمل،.. ويستدعي تعاونا أكبر مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لضمان سلاسة الانتقال.
يبدو أن قطاع التأمين المغربي أمام مفترق طرق: بين ابتكارات الذكاء الاصطناعي وما تتيحه من إمكانيات،.. وتحديات الحفاظ على جوهر هذا القطاع القائم على التشاركية والعدالة الاجتماعية.