عاد مشروع التهيئة الحضرية بالعاصمة الرباط إلى واجهة الجدل السياسي والحقوقي، بعدما اتهمت المعارضة ممثلة في “فيدرالية اليسار الديمقراطي” السلطات المحلية بارتكاب تجاوزات خطيرة، تمس حقوق السكان، خصوصا في حي “المحيط”، فيما تصر رئيسة المجلس الجماعي فاطمة المودني على أن كل الإجراءات تحترم القانون الجاري به العمل.
تشير مراسلة رسمية وجهها المستشار الجماعي فاروق المهداوي باسم فيدرالية اليسار إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى ما اعتبره “ضغوطا مارستها أطراف مجهولة الهوية” على السكان من أجل التنازل عن ممتلكاتهم، دون تقديم تعويض عادل، في غياب أي مبرر لمصلحة عامة. وأوضحت الرسالة أن بعض الشهادات الإدارية تم حجبها عن مالكي العقارات الرافضين للبيع، في وقت تراوحت فيه العروض المقدمة بين 7000 و10000 درهم للمتر المربع، بينما تبلغ القيمة السوقية الحقيقية حوالي 30 ألف درهم.
اللافت أن شكاوى المواطنين لم تتوقف عند المالكين، بل شملت أيضا مستأجرين تعرضوا، حسب المعطيات، للطرد دون سند قانوني أو تعويض مناسب. بعضهم غادر تحت وطأة التهديد، حسب رواية المعارضة، التي وصفت التعويضات المقدمة بـ”الهزيلة”، مطالبة بفتح تحقيق نزيه لكشف حقيقة ما يجري.
لم تكتف فيدرالية اليسار بالتحرك عبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بل راسلت أيضا مؤسسة الوسيط، مشيرة إلى “استعمال النفوذ الإداري للإجبار على الإفراغ”، ودعت إلى تفعيل مقتضيات القانون 16.14 المنظم لمهام الوسيط، خصوصا ما يتعلق بحماية المواطن من الشطط الإداري والدفاع عن العدالة والشفافية.
رئاسة المجلس ترد وتتمسك بالمشروعية
من جهتها، عقدت رئيسة المجلس الجماعي لفاطمة المودني ندوة صحفية في 14 مارس، أوضحت فيها أن المعاملات العقارية تمت وفق مبدأ التراضي بين البائع والمشتري، دون أي تدخل من السلطات، معتبرة أن الجماعة التزمت بجميع المساطر القانونية، وأن البحث العمومي نظم بشفافية.
رغم تطمينات العمدة، لا تزال الأزمة قائمة، خصوصا أن شكاوى المواطنين تتقاطع مع معطيات المعارضة، ما يعكس اتساع فجوة الثقة بين سكان الحي والمؤسسات المعنية. ويبدو أن تداعيات تنزيل مشروع التهيئة بالعاصمة الرباط لن تتوقف قريبا، خاصة إذا لم تعالج الاتهامات بالضغط والإقصاء في إطار مؤسساتي وشفاف.