بعد سنوات من السكون، عاد مشروع الربط الثابت بين المغرب وإسبانيا عبر نفق بحري تحت مضيق جبل طارق إلى واجهة النقاشات الثنائية، وسط توقعات كبيرة بأن يتحول هذا الحلم القديم إلى واقع ملموس في العقود المقبلة، مع دخول المشروع مرحلة الدراسات التفصيلية تمهيدا للشروع في الأشغال.
المشروع الذي يعود الحديث عنه إلى ثمانينيات القرن الماضي، أعيد تفعيله في أبريل 2023 بين الرباط ومدريد، غير أن التصور الجديد تجاوز الطموحات الأولى التي كانت تضع في الحسبان إنشاء نفقين، أحدهما للسيارات وآخر للقطارات. ووفق التطورات الأخيرة، فقد تم الحسم في اختيار نموذج نفق مخصص فقط للقطارات، على أن ينقل كلاً من الركاب والبضائع بين ضفتي المتوسط.
وبحسب المعلومات الصادرة عن الحكومة الإسبانية، فإن شركة SECEGSA المكلفة من الجانب الإسباني بتنسيق الدراسات التقنية، أطلقت مرحلتين من الأبحاث العلمية في 2024. المرحلة الأولى تتعلق بدراسة جيولوجية لمنطقة “س seuil de Camarinal”، وكلت إلى شركة Herrenknecht Ibérica، على أن تسلم نتائجها بحلول يوليوز 2025. أما المرحلة الثانية، فتشمل تقييم النشاط الزلزالي في المنطقة، ومن المنتظر أن تكتمل بحلول شتنبر من العام نفسه.
نفق جبال طارق يربط القارتين بحلول 2040
المسار الذي جرى اختياره يمر من منطقة جيولوجيا مستقرة نسبيا، ما يسهل عمليات الحفر ويقلل المخاطر التقنية. النفق المزمع إنشاؤه سيصل طوله إلى 60 كيلومترا، ما يجعله أطول من النفق الأوروبي Eurotunnel الرابط بين فرنسا وبريطانيا، والبالغ طوله 50.5 كيلومتر.
المرحلة الأولى من الأشغال ستشهد بناء نفق واحد فقط، يسمح بمرور القطارات في الاتجاهين. وفي مرحلة لاحقة، سيجري تشييد نفق ثان لتخصيص كل اتجاه على حدة،.. ما سيعزز الطاقة الاستيعابية وسرعة التنقل.
أما من حيث التمويل، فالمشروع يقدر بمبلغ يفوق 15 مليار يورو،.. سيتم تعبئته بشراكة بين كل من المغرب وإسبانيا والاتحاد الأوروبي، بحسب صحيفة La Razon الإسبانية. ورغم أن الدراسات في مراحل متقدمة، فإن التشغيل الفعلي للنفق غير منتظر قبل سنة 2040.
ومن المرتقب أن يحدث هذا المشروع تحولات جذرية في العلاقات الاقتصادية واللوجستيكية بين أوروبا وإفريقيا،.. حيث سيسهل حركة البضائع، وينعش التبادل السياحي، ويعزز منسوب التعاون الإقليمي.
يسعدني تلقي رسائلكم على: ayoub.anfanews@gmail.com