تزايدت الأصوات الغاضبة لمغاربة كندا في الأشهر الأخيرة، على خلفية معاناتهم المتكررة مع صعوبات السفر نحو الوطن. فما بين المسافات الطويلة نحو المطارات الرئيسية، وغلاء أسعار التذاكر، يجد كثيرون أنفسهم أمام خيارين كلاهما مرّ: إما الانتظار الطويل أو دفع مبالغ باهظة.
منشورات عديدة ظهرت على صفحة “مغاربة كندا” تجمع على مطلب واحد: إطلاق خط مباشر بين مونتريال وطنجة. وهو مطلب وصفه الكثيرون بـ”الاستراتيجي”، معتبرين أن طنجة اليوم ليست فقط مدينة سياحية، بل وجهة رئيسية لآلاف المغاربة الذين ينحدرون من الشمال.
مطالب الجالية لم تقتصر على طنجة. بل برزت دعوات لربط مباشر مع مدن أخرى مثل فاس وأكادير، وهو ما يعكس تحولا في توجهات مغاربة كندا الذين لم يعودوا يرضون باختزال الربط الجوي في محوري الدار البيضاء ومونتريال. فكما قالت إحدى المعلقات على الصفحة: “كندا ليست كلها مونتريال!”.
الخطوط الجديدة ضرورية ولكن…
رئيسة المجلس الوطني لإدماج كفاءات مغاربة العالم، سلمى الركراك، لم تخف أهمية فتح خطوط جديدة مع مدن كطنجة وأكادير، مؤكدة أن ذلك من شأنه تسهيل عودة الجالية وتخفيض التكاليف، لكنها نبّهت إلى أن هذا التوسع قد يؤثر سلبا على النقل الداخلي داخل المغرب، في حال غابت رؤية متكاملة.
وأضافت أن كيبيك، رغم وجود جالية مغربية مهمة بها، لا تتوفر إلى اليوم على خط مباشر مع المغرب، مقترحة فتح خط بين الرباط وأوطاوا، نظرا لما تزخر به من كفاءات مغربية في قطاعات حيوية.
الباحث في شؤون الهجرة، حسن بنطالب، وجه بدوره انتقادات حادة للجهات الرسمية، متهما إياها بانعدام الرؤية الاستراتيجية في مجال النقل الجوي الموجه لمغاربة الخارج. وقال إن الأزمة لا تقتصر على كندا فقط، بل تعيشها جاليات في دول أوروبية قريبة، مثل فرنسا وإسبانيا، حيث أصبح حجز تذكرة في موسم الصيف أقرب إلى “مغامرة” أو “سباق للحظ”.
جالية تطالب بحقها في خدمة جوية عادلة
عدد كبير من أبناء الجالية المغربية في كندا ينتمون إلى النخب الأكاديمية والمهنية، وهو ما يجعلهم أكثر حساسية لمسألة الحقوق والخدمات. هم لا يطالبون بامتيازات، بل ببنية جوية تعترف بوجودهم، وتراعي توزيعهم الجغرافي، وتُنهي معاناة السفر إلى مدن أوروبية فقط من أجل زيارة الأهل في فاس أو تطوان أو أكادير.
الرسالة اليوم باتت واضحة: إذا أرادت الدولة أن تبني علاقة ثقة دائمة مع مغاربة المهجر، فعليها أن تبدأ من الأساسيات، وعلى رأسها الحق في الطيران نحو الوطن، دون مشقة أو غلاء أو إقصاء.