تتجه مدينة الدار البيضاء نحو فصل جديد في تاريخها البيئي، بعد سنوات طويلة من التدبير الفاشل والإحباطات المتكررة للمواطنين.
يرحل قريبا عن المشهد اثنان من أبرز الشخصيات المرتبطة بإدارة قطاع النظافة في العاصمة الاقتصادية: يوسف أحيزون، ابن عبد السلام أحيزون الرئيس السابق لشركة اتصالات المغرب، ومالك شركة “أرما” المغربية، وفراس عرقجي، رجل الأعمال اللبناني ومؤسس شركة “أفردا”، التي اتهمت طويلا بعدم الوفاء بواجبها في الحفاظ على نظافة أكبر مدن المغرب.
رغم الميزانيات الضخمة التي تجاوزت المليار درهم سنويا، لم تترجم هذه الأموال إلى نتائج ملموسة على الأرض. أحياء بأكملها تركت تواجه تراكم النفايات، معدات مهترئة، وموظفون يعانون من نقص في الموارد البشرية. هذه هي الصورة التي تعكس فشل منظومة أصبحت مرتبطة بالإخفاق التنظيمي والبعد عن واقع المواطنين.
شركة “أفردا” طيلة فترة طويلة استفادت من ثقة السلطات المحلية، إلا أن هذه الثقة تآكلت مع تصاعد الانتقادات، ولم يعد مجرد التذرع بخبرة أجنبية كافيا لاحتواء السخط الشعبي. أما يوسف أحيزون، الذي كان يمثل الطموح الوطني في إدارة القطاع، فقد عجز عن فرض تغيير حقيقي أو تقديم نموذج حكم شفاف.
تأتي مبادرة “كازابلانكا بيئة” كخطوة حاسمة لإعادة التفكير في تدبير تدبير النفايات بشكل شامل، وليس فقط لإعادة التفاوض على العقود. فالمسألة تتجاوز أكوام القمامة، لتصل إلى كرامة المدينة، المسؤولية في الإدارة، والعدالة في تقديم خدمات عامة جوهرية.
الرحيل المنتظر لشركتي “أفردا” و”أرما” يجب أن يكون فاتحة لدخول شركات ذات كفاءة عالية، مختارة بعناية، وتحت مراقبة صارمة من المجتمع المدني. الدار البيضاء لم تعد تحتمل تراخي الإدارة أو تقاعس المسؤولين، فهي بحاجة إلى خطة نظافة متكاملة تعكس مكانتها وطموحات سكانها.