أثار مشروع القانون رقم 19.25، الذي صادقت عليه الحكومة وأحالته على البرلمان، جدلا واسعا في الأوساط المغربية، لكونه يقترح حظر إطعام الحيوانات الضالة في الأماكن العامة، مع فرض غرامة مالية تصل إلى 3000 درهم على المخالفين. هذا المشروع الذي يهدف إلى حماية الحيوانات الضالة والوقاية من أخطارها، يحمل في طياته دلالات متعددة، تستدعي وقفة تأملية حول أبعاده الاجتماعية والإنسانية.
ينص المشروع، وبخاصة في مادته 44، على معاقبة كل من يخالف المادة 5 من هذا القانون،.. والتي تحظر إيواء أو إطعام أو علاج الحيوانات الضالة في الفضاءات العامة مثل الشارع العام، المباني السكنية المشتركة، والأماكن المفتوحة للعموم. كما يتضمن القانون إجراءات تنظيمية تشمل إحداث مراكز متخصصة لرعاية هذه الحيوانات، وتوفير نظام تصريح إلكتروني للأفراد الذين يتولون رعاية حيوانات ضالة داخل منازلهم.
من المنظور الصحي والبيئي، يمكن فهم دوافع القانون،.. إذ إن الإطعام العشوائي للحيوانات الضالة في الأماكن العامة يؤدي إلى تجمعها بكثافة في مناطق محددة،.. مما يرفع من مخاطر انتقال الأمراض، ويزيد من النفايات وانتشار الروائح الكريهة،.. وهو ما يهدد الأمن الصحي للسكان، خاصة في المدن المكتظة. هذا التوجه ينسجم مع توجهات الدولة في ضبط الفضاءات العامة وتحسين جودة الحياة.
منع إطعام الحيوانات الضالة: بين حماية الصحة العامة واحترام الحيوان
لكن من زاوية إنسانية،.. يثير المشروع العديد من التساؤلات حول حق المجتمعات في التعامل مع الحيوانات الضالة بأسلوب رحيم،.. خاصة أن كثيرا من المغاربة يعتبرون إطعام هذه الحيوانات عملا إنسانيا يعكس قيم الرحمة والتعاطف. لذلك، فرض الحظر مع غرامات مالية قد يواجه مقاومة من طرف فئات واسعة، خصوصا في غياب بدائل واقعية.
في هذا السياق، تبدو خطوة إحداث مراكز للرعاية والعناية بالحيوانات الضالة بادرة إيجابية توازن بين حماية الصحة العامة وحقوق الحيوان. كما أن نظام التصريح الإلكتروني للأفراد الذين يرغبون في رعاية هذه الحيوانات داخل منازلهم، يعكس محاولات الدولة لتنظيم هذا المجال وتفادي الفوضى.
مع ذلك، يبقى التحدي الأكبر في ضمان فعالية هذا القانون على أرض الواقع،.. ويتطلب الأمر تضافر جهود السلطات المحلية، الجمعيات المختصة، والمجتمع المدني لتطبيقه بنجاح،.. مع توفير بدائل ملائمة وحلول مستدامة لحماية الحيوانات دون الإضرار بالمصلحة العامة.
في النهاية، مشروع القانون الجديد هو محاولة لإعادة التوازن بين الحاجة إلى ضبط الفضاءات العامة وحماية المواطنين،.. والحفاظ على قيم الرحمة تجاه الكائنات الحية. نجاحه مرهون بمدى استجابة المجتمع وتعاون جميع الأطراف المعنية، في ظل تزايد الوعي بقضايا البيئة والرفق بالحيوان.