الأكثر مشاهدة

موسكو تتجه نحو الرباط: اتفاقية جديدة لفتح آفاق استثمارية واعدة

في خطوة جديدة تؤكد عمق الشراكة الاقتصادية بين الرباط وموسكو، تستعد روسيا لتوقيع اتفاقية ثنائية مع المملكة المغربية لحماية وتشجيع الاستثمارات، في إطار خطة روسية طموحة لتعزيز حضورها في القارة الإفريقية وتنويع أسواقها التجارية خارج نطاقها التقليدي. وتأتي هذه المبادرة بعد توقيع موسكو لست اتفاقيات مماثلة مع دول إفريقية أخرى.

ووفق ما أعلنه الموقع الرسمي لوزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فإن الاتفاقية المرتقبة مع المغرب تندرج ضمن استراتيجية حكومية تهدف إلى مضاعفة حجم المبادلات التجارية مع القارة السمراء بمعدل يتراوح بين مرة ونصف إلى مرتين في أفق سنة 2030.

وأوضح بافل كالميتشيك، مدير إدارة تطوير التعاون الثنائي في الوزارة ذاتها، أن إفريقيا تعد من أكثر المناطق الواعدة من حيث النمو الاقتصادي، مضيفا أن روسيا والمغرب «شريكان طبيعيان» تربطهما مصالح مشتركة في مجالات التجارة والاستثمار.

- Ad -

وأشار المسؤول الروسي إلى أن موسكو تولي أهمية قصوى لتوقيع سلسلة من اتفاقيات حماية الاستثمارات مع عدد من الدول الإفريقية، من ضمنها المغرب والكونغو ومالي ونيجيريا وتنزانيا وبوركينا فاسو، موضحا أن هذه الاتفاقيات ستوفر بيئة قانونية آمنة وتفتح الباب أمام مشاريع مشتركة في قطاعات متعددة.

وبحسب المعطيات الرسمية الروسية، بلغ حجم المبادلات التجارية بين روسيا وإفريقيا أزيد من 27 مليار دولار سنة 2024، تستحوذ دول شمال إفريقيا على نحو 70 في المئة منها، وهو ما يدفع موسكو إلى البحث عن توازن أكبر مع بقية دول القارة، في حين يظل المغرب ضمن شركائها الاستراتيجيين الأبرز في المنطقة.

وفي السياق ذاته، عزز المغرب موقعه خلال عام 2025 كأحد أهم المورّدين للمنتجات الفلاحية إلى السوق الروسية، إذ أوردت هيئة “روسيلخوزنادزور” أن روسيا استوردت منذ يناير إلى غاية غشت من السنة الجارية ما يزيد عن 1.3 مليون طن من الخضر والفواكه عبر موانئ سانت بطرسبورغ ولينينغراد، بزيادة قدرها 8 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وجاء الموز في صدارة الواردات بـ837 ألف طن، تلاه الكمثرى بـ84 ألف طن، ثم المندرين بـ59 ألف طن، بينما ساهم المغرب، إلى جانب دول مثل جنوب إفريقيا ومصر وتشيلي والبرازيل، في تزويد السوق الروسية بأنواع متعددة من الفواكه والخضر.

أما على مستوى الصادرات الروسية نحو المغرب، فقد شهدت بدورها ارتفاعا لافتا، إذ أوضح المركز الفيدرالي الروسي “Agroexport” أن قيمة الصادرات الزراعية الروسية تضاعفت ثلاث مرات سنة 2024 لتصل إلى 280 مليون دولار، مدفوعة أساسا بارتفاع صادرات القمح التي تجاوزت مليون طن. كما استأنف المغرب استيراد زيت دوار الشمس من روسيا بعد توقف دام خمس سنوات، إلى جانب منتجات أعلاف حيوانية لم تُصدّر منذ 2015.

وتقدّر الهيئات الروسية أن القيمة المحتملة للصادرات الزراعية نحو المغرب قد تبلغ 350 مليون دولار في المستقبل القريب، وهو ما يعكس دينامية جديدة في العلاقات التجارية بين البلدين.

وتأتي هذه المؤشرات الاقتصادية في ظل مناخ سياسي إيجابي بين الرباط وموسكو، إذ سبق للسفير الروسي بالمغرب، فلاديمير بايباكوف، أن أشاد بموقف المغرب «المتزن» من الحرب الروسية الأوكرانية، مؤكدا أن بلاده تعتبر المملكة «شريكا استراتيجيا وصديقا قديما».

وأضاف الدبلوماسي الروسي أن العلاقات بين البلدين رسختها الاتفاقيات التي وقعها الرئيس فلاديمير بوتين والملك محمد السادس سنة 2016، مشيرا إلى أن التعاون المغربي الروسي أثبت قدرته على الصمود أمام التقلبات الجيوسياسية والأزمات الاقتصادية العالمية، وأنه اليوم يسير بخطى ثابتة نحو مرحلة جديدة من التكامل الاقتصادي والشراكة المستدامة.

مقالات ذات صلة