تعتبر الدار البيضاء عاصمة المغرب الاقتصادية، وواحدة من أبرز المدن التي تعكس وجه المغرب الحضاري والمعاصر. ومع ذلك، يواجه المجتمع والمنتخبون في هذه المدينة تحديات عديدة تتعلق بسلوكيات غير مسؤولة تمس الملك العام وتجاوزات في مجال السير والجولان، سواء من طرف الراجلين أو أصحاب السيارات والدراجات النارية.
الاحتلال العشوائي للملك العام
من أبرز المشاكل التي تعاني منها الدار البيضاء هو احتلال الملك العام. في العديد من الأحياء، نشهد انتشارا واسعا لبعض المظاهر العشوائية التي تعرقل حركة السير وتشوه المنظر العام. هذه الظاهرة لا تتسبب فقط في اختناق الشوارع، بل تعكس أيضا صورة غير حضارية عن المدينة. هذا الوضع يحتم على السلطات المحلية أن تتخذ إجراءات صارمة للحد من هذه التجاوزات، وتوفير بدائل قانونية للبائعين المتجولين تضمن لهم مكانا ملائما لممارسة أنشطتهم التجارية دون الإضرار بالمجال العام.
تجاوزات السير والجولان
لا تقتصر التجاوزات على احتلال الملك العام، بل تمتد لتشمل مجال السير والجولان. يعاني مستخدمو الطريق من سلوكيات غير منضبطة سواء من الراجلين أو سائقي السيارات والدراجات النارية. تعدد الحوادث المرورية والاختناقات يعود جزئيا إلى عدم احترام قوانين السير، مثل تجاوز السرعة المحددة، وعدم احترام إشارات المرور، واحتلال الأرصفة والوقوف والتوقف من طرف السيارات. وهذا الوضع يستلزم تعزيز التوعية المرورية عبر حملات إعلامية مستمرة، وتطبيق العقوبات القانونية على المخالفين بشكل صارم للحد من هذه الفوضى.
نحو الدار البيضاء الذكية
للارتقاء بالدار البيضاء إلى مصاف المدن الذكية، يتعين على المواطنين والمنتخبين على حد سواء تحمل مسؤولياتهم. يحتاج المنتخبون إلى وضع خطط تنموية مستدامة تهدف إلى تحسين البنية التحتية وتوفير الخدمات الضرورية بشكل متكامل. كما يجب على المواطنين الالتزام بالقوانين والمساهمة في الحفاظ على النظام العام.
إن تحويل الدار البيضاء إلى مدينة ذكية ومتحضرة يتطلب جهدا مشتركا من الجميع. بداء من تحلي المواطنين بروح المسؤولية والالتزام بالقوانين، كما أن على المنتخبين العمل بجدية وشفافية لتوفير بيئة ملائمة تليق بعاصمة المغرب الاقتصادية. بهذه الجهود المشتركة، يمكن أن تصبح الدار البيضاء نموذجا يحتذى به في التحضر والاستدامة.
مسؤولية المنتخبين
يعتبر المنتخبون في الدار البيضاء، سواء الحاليين أو السابقين في موقع المسؤولية الأولى عن تطوير المدينة وتحسين جودة حياة سكانها. ومع ذلك، فإن التقاعس أو سوء الإدارة من طرف بعض المنتخبين يؤدي إلى تدهور الوضع الحالي. لذا يجب مراجعة الأداء وإنشاء لجان مستقلة لمراجعة أداء المنتخبين بشكل دوري، لضمان تنفيذ البرامج التنموية المخطط لها.
كما يتعين تطبيق القانون بشكل صارم على أي مسؤول يثبت تورطه في فساد أو تقاعس عن أداء واجباته. وأن تكون هناك شفافية في التحقيقات والإجراءات القضائية لضمان العدالة. وتعزيز ثقافة النزاهة والمسؤولية بين المسؤولين من خلال برامج تدريبية وتوعوية تهدف إلى ترسيخ قيم الشفافية وخدمة المصلحة العامة.
إن تطبيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة يعتبر خطوة أساسية نحو بناء الدار البيضاء التي نريدها. يتطلب الأمر إرادة سياسية قوية وتعاونا مستمرا بين السلطات والمواطنين لتحقيق الأهداف المنشودة. من خلال العمل الجاد والمسؤول، يمكن أن تتحول الدار البيضاء إلى نموذج يحتذى به في التحضر والتنمية المستدامة، مما يعكس الوجه الحضاري الحقيقي للمغرب.