دخل الفريق الاشتراكي بمجلس النواب على خط ما يعتبره ملفا شائكا يرتبط بـ”العملاق الصامت” للاقتصاد المغربي، المجمع الشريف للفوسفاط. فالمؤسسة التي تحاط بجدار من الغموض والهيبة، وجدت نفسها هذا الأسبوع في مرمى مساءلة برلمانية غير مسبوقة.
مصدر من داخل الفريق الاشتراكي كشف أن برلمانيي الحزب وجهوا مراسلة عاجلة إلى رئيس لجنة مراقبة المالية العامة، طالبوا فيها بحضور وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة والرئيس المدير العام للمجمع، تحت قبة البرلمان، لـ”تقديم أجوبة دقيقة” عن السياسة الاستثمارية والتحديات الحقيقية التي تواجه هذا الكيان الحيوي.
لكن خلف هذا الطلب، أسئلة كبرى بدأت تطفو:
أين تذهب أرباح الفوسفاط؟، هل المجمع ما يزال رائدا أم أنه بدأ يفقد بريقه؟ وهل هناك تضارب بين المردودية الاقتصادية والانخراط البيئي؟
برلمانيون عبروا عن قلقهم من أن “أرقام الأرباح لا تعكس بالضرورة استدامة استراتيجية الاستثمار”، مشيرين إلى أن المجمع، رغم مكانته العالمية كأكبر منتج للفوسفاط الخام، مطالب اليوم بأكثر من مجرد تصدير المواد الأولية.
المجمع يشتغل بموجب القانون 95.17، ما يمنحه طابعا خاصا كشركة مساهمة عمومية ذات مهام استراتيجية، أبرزها التنقيب والاستغلال الحصري للفوسفاط في المملكة. لكن الوضع لم يعد يقاس فقط بالإنتاج، بل بـالشفافية، والنجاعة، وحسن التسيير.
وتشير المعطيات إلى أن المؤسسة تساهم بشكل كبير في الناتج الداخلي الخام، وتلعب دورا بارزا في تعزيز احتياطي العملة الصعبة، لكنها في المقابل تواجه تحديات ترتبط بضرورة توسيع قاعدة التصدير، والتحكم في النفقات، ومواكبة المعايير البيئية الصارمة، خصوصًا في ما يخص استهلاك الماء والطاقة.
في سياق متصل، لم يخف الفريق الاشتراكي مخاوفه من اتساع الفجوة بين الموارد المستثمرة ونتائجها الفعلية، داعيا إلى نقاش شفاف ومسؤول بشأن تدبير هذه الثروة الوطنية، وتحويلها من مجرد مرفق اقتصادي إلى رافعة تنموية عادلة وفعالة.
وفي انتظار تفاعل اللجنة مع الطلب، تتجه الأنظار نحو البرلمان المغربي الذي قد يكون مقبلا على إحدى أكثر جلسات الاستماع حساسية منذ سنوات، وقد تفتح الباب أمام إعادة تقييم شاملة لأدوار المجمع ومردوديته المجتمعية، بعيدا عن لغة الأرقام وحدها.