الأكثر مشاهدة

هولندا تمنح اللجوء لأم مغربية عازبة وتضع المغرب في مرآة الانتقاد الحقوقي

كسرت أعلى هيئة قضائية إدارية في هولندا جدار الصمت هذا الأسبوع، وأصدرت قرارا وصف بالتاريخي، يقضي بمنح حق اللجوء لأم مغربية عازبة وطفلها القاصر، بعد أن رفضت سلطات اللجوء ملفهما سابقا مرتين، على أساس اعتبارات وصفت بـ”الإجرائية البحتة”.

القرار، الصادر عن مجلس الدولة الهولندي، لم يمر مرور الكرام. فقد أكد بوضوح أن رفض الطلب في المرحلتين الابتدائية والاستئنافية لم يأخذ بعين الاعتبار الجوهر الحقوقي للقضية، بل ارتكز على نظرة ضيقة للمخاطر التي تواجه النساء في وضعية هشاشة قانونية واجتماعية داخل المغرب، وخاصة الأمهات العازبات.

تفاصيل الحكم المنشور على موقع المجلس، أوضح أن الأم المغربية كانت قد دخلت التراب الهولندي قبل عامين، ولجأت إلى سلطات اللجوء بطلب يحذر من تعرضها لملاحقة قانونية حال عودتها للمغرب بسبب ولادتها لطفل خارج إطار الزواج.

- Ad -

وأوضحت صاحبة الطلب أن القانون الجنائي المغربي، وبالضبط المادتين 490 و491، تجرم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، مما يجعل وضعها كأم عازبة محفوفا بالمخاطر القانونية والاجتماعية، التي قد تمس ليس فقط بحريتها، بل بسلامتها وكرامتها وحقها في الحياة الأسرية.

الطفل في قلب القرار

ما ميز هذا الحكم ليس فقط تعاطفه مع الأم، بل إعطاؤه أهمية قصوى لـ”مصلحة الطفل الفضلى”، التي تجاهلتها المحاكم السابقة، وفق المجلس. فقد أكد أن ترحيل الأم وطفلها إلى “بيئة عدائية” من شأنه أن يشكل خطرا جسيما على نمو الطفل وسلامته النفسية والاجتماعية.

وذهب الحكم إلى أبعد من ذلك، حين اعتبر أن تطبيق القوانين المغربية ضد الأمهات العازبات يتسبب في “تمييز اجتماعي كبير”، وقد يصل إلى حد “الانتهاك الفعلي لحقوق الإنسان”، وهو أمر محظور على هولندا بموجب الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها.

المجلس ذكر أيضا بالتزامات هولندا تجاه الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وقانون اللاجئين الوطني، مشددا على أن المشرع الهولندي لا يملك الحق في تجاهل المعايير الدولية، خصوصا حين يتعلق الأمر بحقوق الأسر والأطفال.

ويبدو أن هذا الحكم سيفتح الباب أمام مراجعة ملفات مماثلة رفضت سابقا على أسس تقنية أو بيروقراطية، دون مراعاة الطبيعة المعقدة للواقع المغربي في ما يخص الأمهات العازبات، حيث لا تزال القوانين الجنائية والمجتمع معا، يفرضان ثمنا باهضا على نساء يواجهن مصيرا قاسيا لمجرد أنهن أنجبن خارج مؤسسة الزواج وفقا لنشطاء حقوق الإنسان.

مقالات ذات صلة