كشف وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، عن تفاصيل خطة استعجالية وضعتها وزارته لمعالجة الاختلالات المزمنة التي عرفها ملف التحاق الأطباء الاختصاصيين بمناصبهم خلال السنوات الماضية، والتي كانت تتسبب في تأخير الالتحاق المهني لما يقارب السنتين بعد التخرج.
الوزير أوضح، خلال مشاركته في برنامج “لقاء خاص” على القناة الثانية مساء الإثنين، أن الوضع ظل على هذا النحو منذ عام 2019، حيث لم يكن عدد الملتحقين سنويا يتجاوز 250 طبيبا اختصاصيا في أحسن الأحوال، وهو رقم ضئيل لا يواكب حاجيات المستشفيات ولا يستجيب للمعايير الدولية في توزيع الموارد البشرية الصحية. هذا البطء، بحسب التهراوي، أدى إلى تراكم الخصاص في عدد من التخصصات الحيوية، لاسيما في المناطق البعيدة عن المراكز الكبرى.
ولمعالجة هذا العجز، أطلقت الوزارة خلال عام 2025 سياسة استعجالية لتسريع وتيرة الالتحاق وسد الفراغات المتراكمة. وكشف الوزير أن النتائج الأولية كانت مشجعة، إذ تمكنت الوزارة من تعيين 300 طبيب من خريجي سنة 2023 في فبراير الماضي، تلاهم 400 طبيب من دفعة 2024 خلال شهري أبريل وماي، قبل أن تنطلق عملية جديدة في أكتوبر الجاري لتمكين 500 طبيب من خريجي السنة الحالية من مباشرة مهامهم.
وبذلك، بلغ إجمالي الأطباء الاختصاصيين الذين التحقوا فعليا بمناصبهم خلال سنة واحدة حوالي 1200 طبيب، أي ما يعادل سبعة أضعاف المتوسط السنوي المسجل بين 2019 و2024. وأكد التهراوي أن هذا التحول يعكس إرادة الوزارة في معالجة “مشكل التدبير” الذي ظل يعرقل نجاعة المنظومة الصحية.
وفيما أشار الوزير إلى أن نسبة الالتزام بالالتحاق بلغت نحو 95%، اعترف بوجود “حالات محدودة” لم تلتحق بمراكزها لأسباب شخصية أو إدارية. لكنه شدد على أن هذه النسبة تبقى دليلا على نجاح المقاربة الجديدة التي تراهن على التوزيع الجغرافي العادل وتوجيه الأطر نحو الأقاليم ذات الخصاص الكبير وفق خريطة صحية دقيقة.
وختم التهراوي تصريحه بالتأكيد على أن هذه الدينامية لا تعني أن أزمة الخصاص قد حلت بالكامل، لكنها تمثل “خطوة حاسمة نحو العدالة الصحية”، مشيرا إلى أن “التحاق الأطباء في الوقت المحدد هو مفتاح استرجاع الثقة في المنظومة وتحقيق الفعالية”.