الأكثر مشاهدة

وسيط المملكة: المغاربة يجبرون على التنازل عن عقاراتهم بـ”تعويضات غير عادلة”

رغم أن الدستور المغربي يضمن صراحة الحق في الملكية، إلا أن هذا المبدأ الدستوري لا يزال يصطدم على أرض الواقع بتعقيدات إدارية وممارسات بيروقراطية تمس جوهر هذا الحق. هذا ما خلص إليه التقرير السنوي لـ”مؤسسة الوسيط” لسنة 2024، والذي كشف عن اختلالات عميقة ومستمرة في تدبير الملكية العقارية، سواء على مستوى نزع الملكية، أو جمود وثائق التعمير، أو تدبير الأراضي الجماعية.

خرق صريح للدستور في ملفات نزع الملكية

أكد التقرير أن نزع الملكية لأغراض المصلحة العامة، رغم تأطيره القانوني، لا يزال محفوفا بالعراقيل، أبرزها ضعف تعويض المتضررين، وتعقيد المساطر الإدارية، وتأخر تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لصالح المواطنين. وقد سجل التقرير استمرار ممارسة الإفراغ أو منع التصرف في العقارات بدون سند قانوني، ما يخلق حالة من عدم اليقين القانوني ويقوض ثقة المواطنين في المؤسسات.

العديد من المتضررين يضطرون للجوء إلى القضاء لتحصيل حقوقهم، غير أن تنفيذ الأحكام يعرف بدوره عراقيل إضافية كطلب وثائق جديدة أو إزالة رهون غير قائمة، مما يحول التعويض العادل من حق مضمون إلى معركة إدارية طويلة الأمد، تثقل كاهل الدولة بتكاليف إضافية نتيجة تراكم النزاعات القضائية.

- Ad -

وثائق تعمير متقادمة تحجز العقارات لعقود

توقف التقرير عند إشكالية لا تقل خطورة، وتتعلق باستمرار العمل بوثائق تعمير تجاوزت صلاحيتها منذ أكثر من عشر سنوات، دون تجديد أو مراجعة. هذه الوثائق المجمدة، التي تفتقد لأي سند قانوني بعد انقضاء مدتها، ما تزال تستخدم من طرف بعض الوكالات الحضرية لتقييد حق المواطنين في التصرف في ممتلكاتهم، سواء بالبناء أو البيع أو التجزيء.

رغم صدور دوريات وزارية سنة 2012 و2016 تنص على ضرورة رفع التقييدات تلقائيا بعد انتهاء صلاحية الوثائق، إلا أن الممارسات الإدارية تواصل تجاهل هذا التوجيه، بل وتستمر في إصدار بيانات معلوماتية تستند إلى خطط لم تعد قائمة قانونا. هذا الجمود يحدّ من التنمية العمرانية ويكبد الاقتصاد المحلي خسائر كبيرة.

أراض جماعية في انتظار إصلاح فعلي

أما بخصوص الأراضي الجماعية المعروفة بـ”الأراضي السلالية”، فقد أبرز التقرير أن الإصلاحات التشريعية لسنة 2019 لم تجد طريقها بعد إلى التطبيق الفعلي. رغم الاعتراف القانوني بمبدأ المساواة بين النساء والرجال في الاستفادة من هذا الإرث العقاري، لا تزال الأعراف الذكورية، خاصة في المناطق القروية، تقف حجر عثرة أمام تنزيل هذه الحقوق على أرض الواقع.

كما أن التعويضات عن تحويل هذه الأراضي للاستعمالات الاقتصادية تعرف بدورها عراقيل إدارية، إلى جانب بطء تحيين لوائح المستفيدين وضعف الشفافية في التسيير المحلي لهذه العقارات.

الوسيط يدق ناقوس الخطر

في تقييمه العام، يرى “الوسيط” أن هذه الممارسات المتراكمة تؤدي إلى ضرب أسس الأمن العقاري وتعيق الاستثمار، كما تضعف العدالة في توزيع الموارد وتفرغ القانون من محتواه. ودعا المؤسسة إلى تحرك إداري عاجل لتصحيح هذا المسار، عبر تحديث وثائق التعمير في آجال معقولة، وتنفيذ الأحكام القضائية المتعلقة بالتعويضات، وإطلاق مساطر نزع الملكية فقط بعد رصد الاعتمادات المالية الكافية.

كما أوصى التقرير بالانتقال من منطق التقييد والمنع، إلى منطق المبادرة الفعلية لتسوية الأوضاع العقارية، عبر تمليك العقارات أو اقتنائها فعليا لفائدة الدولة متى كانت هناك مشاريع مبرمجة.

مقالات ذات صلة