الأكثر مشاهدة

وفاتان غامضتان في صفوف الجيش الجزائري خلال 24 ساعة تثير تساؤلات واسعة

اهتزت المؤسسة العسكرية الجزائرية هذا الأسبوع على وقع خبرين متتاليين هزا الرأي العام المحلي: وفاة العميد حسان بن عمار، مفتش سلاح القوات الخاصة بقيادة القوات البرية، تلتها بعد ساعات قليلة وفاة المقدم سطيطرة محمد علي، التابع لدائرة الاستعمال والتحضير لأركان الجيش الوطني الشعبي، والسبب المعلن في الحالتين واحد: “مرض ألم بهما”.

وزارة الدفاع الوطني الجزائرية أعلنت الخبرين تباعا، مؤكدة أن الوفاتين وقعتا في 30 و31 أكتوبر 2025، فيما سارع الرئيس عبد المجيد تبون إلى تقديم تعازيه لعائلتي الفقيدين، مشيدا بما قدماه من “خدمة للوطن”. وبدوره، نعى الفريق أول السعيد شنقريحة الرجلين بكلمات رسمية وصفهما فيها بـ”رمزين من رموز الانضباط والاحترافية العسكرية”.

غير أن الصيغة الرسمية الموحّدة، التي اكتفت بعبارة “على إثر مرض ألم به”، فتحت الباب أمام تساؤلات واسعة داخل الأوساط الإعلامية والشعبية، خصوصا أن وفاة ضابطين من رتب حساسة، وفي غضون 24 ساعة فقط، أمر نادر الحدوث داخل هرم المؤسسة العسكرية الجزائرية المعروفة بتكتمها الشديد.

- Ad -

العميد بن عمار كان يعد من أبرز الوجوه في سلاح القوات الخاصة، وهو الجهاز الذي يتكفل بعمليات النخبة والمهمات عالية الخطورة. أما المقدم سطيطرة محمد علي، فكان يشغل موقعا حيويا في دائرة الاستعمال والتحضير التابعة لأركان الجيش، وهي الجهة التي تدير اللوجستيات والتخطيط العملياتي للقوات المسلحة. ورغم اختلاف مهام المنصبين، فإن كليهما يرتبط مباشرة بقدرات الردع والتجهيز القتالي للجيش الجزائري، ما يجعل رحيلهما المتزامن أكثر من مجرد حدث عرضي.

في المقابل، لم تصدر وزارة الدفاع أي تفاصيل إضافية حول ظروف الوفاة أو طبيعة المرض، مكتفية ببلاغين رسميين شبه متطابقين في الصيغة والمضمون. هذا الغموض دفع محللين إلى التساؤل عما إذا كانت الوفاتان مصادفة مأساوية أم أنهما تحملان خلفيات أعمق داخل المؤسسة العسكرية.

أما على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد اشتعلت النقاشات تحت وسوم مثل #الجيش_الجزائري و #الضباط_الراحلون، بين من يرى أن “المرض” مجرّد تبرير دبلوماسي، ومن يلمح إلى احتمال وجود “حملة داخلية لإعادة الهيكلة”، بينما ذهب آخرون إلى نظريات أبعد تتحدث عن وباء غامض داخل صفوف الجيش.

ورغم أن أيا من هذه الفرضيات لم يتأكد رسميًا، فإن السكوت الرسمي يظل العنصر الأكثر إثارة للانتباه. في بلد اعتاد على الغموض في القضايا العسكرية، يبدو أن رحيل العميد بن عمار والمقدم سطيطرة لن يمر دون أن يترك وراءه أسئلة معلقة تتجاوز حدود المؤسسة إلى مزاج الشارع الجزائري نفسه، الذي صار أكثر تشكيكا في كل ما يُقدّم له على أنه “مرض عابر”.

هكذا، وبين الحزن الرسمي والجدل الشعبي، تتحول الوفاتان إلى مرآة جديدة لصراع الثقة بين المواطن الجزائري ومؤسساته، في زمن لم يعد فيه الغموض يجد مكانا في عصر الشفافية والمعلومة الفورية.

مقالات ذات صلة