الأكثر مشاهدة

2.05 طبيب لكل ألف نسمة.. المغرب يخطو بثبات نحو معايير الصحة العالمية.. ولكن أين الخلل؟

يعيش قطاع الصحة بالمغرب مرحلة تحول وإصلاح هي الأهم منذ عقود، حيث لا تقتصر التعديلات على النصوص القانونية والإطار التنظيمي فقط، بل تتجاوز ذلك إلى صلب النظام الصحي، وهو العنصر الأهم: الموارد البشرية.

ففي قلب هذه الإصلاحات، يتجلى التحدي الحقيقي في توفير الكوادر الطبية والتمريضية الكافية والمؤهلة، التي تعكس طموحات المملكة في ضمان صحة أفضل لكل مواطن، خاصة مع الهجرة المتواصلة لأطباء وممرضين إلى الخارج بحثا عن بيئة عمل تحترم كفاءاتهم وتمنحهم حقوقهم.

على الرغم من تحسن الأجور وبيئة العمل، إلا أن قطاع الصحة مازال يعاني من اختلالات عميقة. فمنذ عام 2020، كان المغرب يعاني من نقص حاد في الأطباء، إذ لم يتعد عدد الأطباء 1.75 لكل 1000 نسمة، وهو رقم بعيد عن معايير منظمة الصحة العالمية التي توصي بنسبة 2.5.

- Ad -

بحلول 2025، تحسنت الأرقام إلى 2.05، وهو تقدم ملحوظ بفضل فتح ما يزيد عن 5500 منصب سنويا في القطاع الصحي، وبفضل زيادة الاستثمار في التكوين والتوظيف. وصل عدد الأطباء والممرضين العاملين إلى ما يقرب 95 ألفا، بينهم 77 ألفا في القطاع العام، إلا أن هذه الأرقام لا تزال غير متكافئة بين الجهات.

توزيع جغرافي صادم يكشف الخلل الأكبر

تشير المعطيات إلى أن التوزيع الجغرافي للأطر الصحية لا زال يشهد تفاوتا كبيرا. إذ تتركز الغالبية في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء والرباط، فيما تظل بعض المناطق القروية وشبه الحضرية محرومة، إذ لا يتجاوز معدل الكوادر الصحية فيها 1.4 طبيب لكل ألف نسمة.

فيما يتعلق بالتخصصات، شهدت السنوات الأخيرة تذبذبا في عدد أطباء الاختصاص، لكن التوجه يظل تصاعديا مع فتح أكثر من 560 منصب متخصص متوقع بنهاية 2025، مع تركيز على مناطق مثل طنجة والدار البيضاء ومراكش.

وهو ما يعكس الاهتمام المتزايد بملء الخصاص في الخدمات الطبية المتخصصة، التي تعتبر حجر الزاوية في جودة العلاج.

أما على مستوى التكوين، فقد شهد المغرب طفرة غير مسبوقة، مع مضاعفة عدد الطلبة في معاهد التمريض والفنيين الصحيين، وتوسيع التخصصات لتشمل مجالات حيوية مثل الأورام والطوارئ.

لكن رغم هذه الخطوات، يظل الطريق أمام تحسين الموارد البشرية في الصحة طويلا، ويتطلب تعزيز الحوكمة، ومنح المزيد من الصلاحيات للجهات الإقليمية، وتطوير نظام إدارة الموارد البشرية ليصبح أكثر شفافية وفاعلية.

وفي ظل تزايد الطلب على خدمات الصحة، يبقى تحسين جودة الحياة المهنية للأطباء والممرضين ضروريا للحفاظ على مكتسبات الإصلاحات وضمان استدامتها.

مقالات ذات صلة