في مدينة نواكشوط التي أنهكها التوسع العشوائي وتردي البنيات التحتية، تتجه الأنظار ابتداء من هذا الأسبوع إلى شركة “أرما هولدينغ” المغربية التي تستعد رسميا لتولي إدارة قطاع النظافة.
المدينة، التي تحولت شوارعها إلى أكوام من القمامة المتراكمة، تراهن اليوم على خبرة الشركة المغربية لإنقاذ وجه عاصمة الجارة الجنوبية من التدهور البيئي، في ظل أزمة مستمرة لم تنجح أي جهة حتى الآن في معالجتها بشكل جذري.
العقد الموقع مع “أرما” يمتد لعشر سنوات، بقيمة مالية تناهز سبعة مليارات أوقية قديمة سنويا، ما يعكس الثقل المالي والسياسي الذي يحمله هذا الملف داخل أروقة القرار الموريتاني. لكن التحديات التي تنتظر الشركة ليست بالهينة، خاصة في مدينة تتسم بانتشار أحيائها بشكل غير منظم، مما يصعب عمليات الوصول والتغطية الشاملة.
الشركة التي يديرها المهندس يوسف أحيزون، خريج المدرسة الوطنية للجسور والطرق بفرنسا، تنشط منذ سنوات في تدبير النفايات بعدد من المدن المغربية، وتقدم نفسها على أنها فاعل بيئي بخبرة تقنية عالية ومنهجيات حديثة. غير أن النجاح في نواكشوط سيحتاج إلى أكثر من مجرد كفاءة، بل إلى قدرة حقيقية على التكيف مع خصوصية ميدانية ولوجستية مختلفة تماما.
وإذا كانت الجوانب التقنية على المحك، فإن المسار الذي أدى إلى توقيع العقد لم يكن خاليا من التوتر والجدل. فصفقة النظافة في نواكشوط عرفت تقلبات عدة، حيث منحت في البداية لشركة مغربية أخرى، قبل أن تعلق ثم تعاد ثم تلغى مرة أخرى في سلسلة من القرارات التي طرحت تساؤلات جادة حول الشفافية والحوكمة في تدبير الصفقات العمومية ذات الطابع الحيوي.
اليوم، ومع اقتراب دخول “أرما هولدينغ” على الخط، يبقى السؤال المطروح:
هل تنجح الشركة المغربية في تغيير المعادلة، أم أن العاصمة الموريتانية ستظل أسيرة الأزمات المتكررة؟
الإجابة، كما يأمل الكثيرون، لن تأتي فورا، بل قد تحتاج إلى شهور وربما سنوات قبل أن تتضح معالم النجاح أو الفشل.