تشهد المملكة المغربية أزمة غير مسبوقة في قطاع تربية المواشي ما انعكس على أسعار اللحوم، حيث فقد القطيع الوطني ما يقارب 30% من أعداده منذ جائحة كورونا، نتيجة للجفاف المتواصل والظروف المناخية القاسية، وفق مصادر موثوقة. وتأتي هذه الأزمة في وقت حساس، مع اقتراب عيد الأضحى، حيث يتوقع أن تؤدي عمليات الذبح المكثفة إلى تفاقم الوضع بشكل كبير، مما يهدد استقرار سوق اللحوم الحمراء.
وفقا للتقديرات الأولية، فإن ذبح ملايين رؤوس الماشية في يوم واحد خلال عيد الأضحى قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار اللحوم إلى 200 درهم للكيلوغرام، وهو ارتفاع غير مسبوق في تاريخ المغرب. وعلى الرغم من الإجراءات الاستثنائية التي اعتمدتها الحكومة، مثل استيراد الماشية واللحوم الحمراء وإعفاء هذه العمليات من الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة، إلا أن هذه التدابير لم تتمكن من كبح الارتفاع الحاد في الأسعار.
أمام هذه الأزمة، تعالت بعض الأصوات مطالبة بإلغاء ذبح الأضاحي هذا العام، معتبرة أن هذا القرار قد يكون الحل الوحيد لإعادة التوازن إلى القطيع الوطني. فبحسب الخبراء، فإن عيد الأضحى يؤدي سنويا إلى ذبح حوالي 5 ملايين رأس من الأغنام والماعز، مما يساهم في تآكل القطيع ويمنع إعادة تكاثره بالسرعة المطلوبة.
وقد صرح فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، بأن “الحل الوحيد لإعادة بناء القطيع الوطني هو وقف الاستهلاك أو تقليصه”، في إشارة إلى ضرورة الحد من عمليات الذبح، خصوصا فيما يتعلق بالأغنام المنتجة.
هل حان وقت إلغاء أضحية عيد الأضحى؟ نقاش مستمر وسط أزمة أسعار اللحوم
من جهة أخرى، يرى البعض أن إلغاء الأضحية قد يضر بالفلاحين الذين يعانون أصلا من تبعات الجفاف المتكرر، حيث يمثل العيد بالنسبة لهم مصدرا رئيسيا للدخل. إذ تشير التقديرات إلى أن عيد الأضحى يشهد تدفق 12 مليار درهم من المدن إلى القرى، ما يدعم الاقتصاد في المناطق القروية.
إلا أن المدافعين عن فكرة تقليص الذبح يشيرون إلى أن الإقبال الكبير على الأضاحي لا يعني بالضرورة انتعاش الفلاحين، بل قد يساهم في استمرار دورة الارتفاع الجنوني للأسعار، خاصة في ظل معدل تضخم بلغ 17% منذ 2021، فيما لا يتجاوز الدخل الشهري المتوسط للمواطن المغربي 4000 درهم، ما يجعل تكلفة الأضحية عبئا ماليا لا يستطيع تحمله العديد من الأسر.
بين الحاجة الدينية والأزمة الاقتصادية
يرى المراقبون أن أزمة القطيع الوطني باتت تفرض نفسها على نقاشات عيد الأضحى، حيث بات البعض يدعو إلى تغيير العادات المتبعة واللجوء إلى حلول بديلة، مثل ذبح عدد أقل من الأضاحي أو دعم الفئات الهشة بمساعدات مالية بدلا من شراء الأكباش بأسعار باهظة.
ويبقى السؤال المطروح: هل يمكن أن يشهد المغرب عيد أضحى مختلفا هذا العام؟ أم أن العادات الاجتماعية والتقاليد الدينية ستظل أقوى من الأزمات الاقتصادية؟